نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 123
(1) لقد خرج «إبراهيم» من الغار، مؤمنا باللّه بفطرته، و قوّى توحيده الفطري، بمشاهدة الأرض و السماء، و النظر في سطوع الكواكب و النجوم و التأمل في ما يجري في عالم النبات من نمو و حركة إلى غير ذلك ممّا يجري في عالم الطبيعة العجيب.
لقد واجه إبراهيم (عليه السلام) بعد خروجه من الغار جماعة من الناس بهرتهم أحوال الكواكب و عظمة أمرها، ففقدوا عقولهم تجاه هذه الظاهرة، كما راى جماعة اخرى أحطّ فكريّا من سابقتها يعبدون اصناما منحوتة، بل واجه ما هو اسوأ بكثير من أعضاء الطوائف و الجماعات الضالة اذ رأى رجلا يستغل جهل الناس و غبائهم و يدعي الالوهية و يفرض عليهم عبادته و الخضوع له!!
لقد كان إبراهيم (عليه السلام) يرى أنّ عليه أن يهيّىء نفسه لخوض المعركة في هذه الجبهات الثلاث المختلفة، و قد نقل القرآن الكريم قصة نضال النبيّ «إبراهيم» (عليه السلام) في هذه الاصعدة و الجبهات الثلاث و سننقل لك في ما يأتي و باختصار ما ذكره القرآن في هذا المجال.
(2)
إبراهيم و مكافحته للوثنية:
كانت ظلمات الوثنية قد خيّمت على منطقة بابل (موضع ولادة الخليل) برمتها.
فالآلهة المدّعاة، و المعبودات (السماوية و الارضية) الباطلة قد سحرت عقول مختلف فئات الشعب، فبعضها في نظرهم هي أرباب القدرة و السلطة، و بعضها الآخر وسيلة الزلفى و التقرب الى اللّه إلى غير ذلك من التصورات السخيفة في هذا الصعيد.
و حيث أن طريقة الأنبياء في هداية البشرية و ارشادهم هي الاستدلال بالبراهين، و الاحتجاج بالمنطق، لانهم إنما يتعاملون مع قلوب الناس و عقولهم، و يبتغون ايجاد حكومة تقوم على أساس الإيمان و اليقين. و مثل هده الحكومة لا يمكن اقامتها بالسيف او بالنار و الحديد. لهذا يبدءون حركتهم بالتوعية الفكرية.
إن علينا أن نفرق بين الحكومات التي يريد الأنبياء تأسيسها، و حكومة
نام کتاب : تعريب سيد المرسلين نویسنده : جعفر الهادي جلد : 1 صفحه : 123