فعليّاً بالاستطاعة فمن الطبيعيّ أن يكون المكلّف مسئولًا عن المقدّمات المفوّتة قبل مجيء يوم عرفة لأنّ الوجوب فعليّ و هو يستدعي عقلًا التهيّؤ لامتثاله.
و الصحيح: أنّ زمان الواجب يجب أن يكون قيداً للوجوب، و لا يمكن أن يكون قيداً للواجب فقط، لأنّه أمر غير اختياريّ، و قد تقدّم أنّ كلّ القيود التي تؤخذ في الواجب فقط يلزم أن تكون اختياريّة، فبهذا نبرهن على أنّه قيد للوجوب. و حينئذٍ فإن قلنا باستحالة الشرط المتأخّر للحكم ثبت أن الوجوب ما دام مشروطاً بزمان الواجب فلا بدّ أن يكون حادثاً بحدوثه لا سابقاً عليه، لئلّا يلزم وقوع الشرط المتأخّر.
و بهذا يتبرهن أنّ الواجب المعلّق مستحيل. و إن قلنا بإمكان الشرط المتأخّر جاز أن يكون زمان الواجب شرطاً متأخّراً للوجوب، فوجوب الوقوف بعرفات يكون له شرطان:
أحدهما مقارن يحدث الوجوب بحدوثه، و هو الاستطاعة.
و الآخر متأخّر يسبقه الوجوب، و هو مجيء يوم عرفة على المكلّف المستطيع و هو حيّ، فكلّ من استطاع في شهر شعبان مثلًا و كان ممّن سيجيء عليه يوم عرفة و هو حيّ فوجوب الحجّ يبدأ في حقّه من شعبان [1]، و بذلك يصبح مسئولًا عن توفير المقدّمات المفوّتة له من أجل فعليّة الوجوب.