ليس الحكم في القضايا الحقيقية بلحاظ الخصوصيات دائماً، فلا يلزم في مثل: «كلّ من كان مستطيعاً فيجب عليه الحج» لحاظ أفراد المستطيع، بل الحكم يتوجّه إلى كلّ مستطيع من حيث أنه مستطيع، لا من حيث أنه زيد و عمرو و بكر ... و هذا القدر كاف في صحّة القضيّة الحقيقيّة.
لكنّ الكلام في المقام في لحاظ الخصوصيّة- بما هي خصوصيّة- بواسطة العام، فبين المقام و مسألة القضية الحقيقيّة فرق، و إنكار الوضع العام و الموضوع له الخاص لا يضرّ بتلك المسألة.
الجهة الرابعة
في الوضع الخاص و الموضوع له العام، بأنْ يكون المعنى الملحوظ حين الوضع خاصّاً، فيوضع اللّفظ بواسطته على العام القابل للصّدق على كثيرين.
و قد أنكر الكلّ هذا القسم إلّا الميرزا الرشتي في (بدائع الاصول) [1] و حاصل كلامه:
إنه كما أن الجزئي يرى بواسطة الكلّي، كذلك الكلّي يرى بواسطة الجزئي، فإنّ «الإنسان» يرى مع «زيد» غير أنّه تارةً يوضع اللّفظ عليه من حيث أنه «زيد»، و اخرى يوضع عليه اللّفظ من حيث أنه «إنسان».
و قد أوضح ذلك بأن من يصنع معجوناً مركّباً من أجزاء، تارة يلحظ المعجون بلحاظ كونه معجوناً خاصّاً، و اخرى يلحظه بلحاظ الخاصيّة التي فيه، فالوضع باللّحاظ الثاني خاص و الموضوع له عام، فالفرق بين الوضع العام و الموضوع له العام، و بين الوضع الخاص و الموضوع له العام، هو الفرق