و أجاب المحقق الخوئي بأنّ الفرق أمّا بين القواعد الفقهية الجارية في الشبهات الموضوعية، و بين القواعد الأصوليّة، فبأنّ القواعد الفقهيّة تنتج في تلك الشبهات الأحكام الجزئيّة الشخصيّة، كقاعدتي الفراغ و التجاوز، و قاعدة اليد، و نفي الضرر ... فقاعدة الفراغ مثلًا تفيد عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ من العمل، و هذه الكبرى إذا انضمّت إلى صغراها و هو عمل الشخص المشكوك في صحّته، أنتجت صحّة ذاك العمل. هذا حال هذا القسم من القواعد الفقهية. و أمّا المسائل الاصوليّة، فالناتج منها حكم كلّي عام ثابت لجميع المكلّفين، كمسألة حجيّة خبر الواحد.
و أمّا القواعد الفقهيّة الجارية في الشبهات الحكمية، كقاعدة ما لا يضمن، فإنّها و إنْ انتجت حكماً كليّاً- كالقواعد الاصولية- إلّا أن الفرق عدم وقوعها في طريق الاستنباط، و إنّما هي أحكام مستنبطة تطبّق في مواردها، بخلاف القواعد الاصوليّة، فإنّها تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي أو تكون مرجعاً للفقيه في تعيين الوظيفة العمليّة. فهذا هو الفرق [1].
أقول: و قد أورد عليه تلامذته، كالسيد الصدر و شيخنا الاستاذ بالنقض و الحلّ.
و حاصل الكلام عدم تماميّة هذا الجواب، لكون بعض القواعد الفقهيّة الجارية في الشبهات الموضوعيّة تفيد حكماً كليّاً لا جزئيّاً [2]، كما أنّ من
[2] قد وقع الخلاف بين الأعلام في مفاد أدلة قاعدتي نفي الضرر و الحرج، في أن الحرج و الضرر المنفيّين شخصيّان أو نوعيّان، فالسيّد الخوئي مثّل بهما لإفادة الحكم الشخصي بناءً على كونهما شخصيين، و المستشكل عليه يشكل بأنهما يفيدان الحكم الكلي بناءً على كونهما نوعيّين. فالحاصل كون الاستدلال و الإشكال كليهما على المبنى.