بقي الكلام في الفرق بين القواعد الفقهية و القواعد الاصوليّة، و كيفية إخراج الفقهية عن علم الأصول، على ضوء التعاريف المذكورة.
لا يخفى أن القواعد الفقهية تنقسم إلى قسمين، منها ما يجري في الشبهات الموضوعية، و تكون نتيجته الحكم الفرعي الجزئي، كقاعدة الفراغ و التجاوز، المتخذة من قوله (عليه السلام): «كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» [1] و تفيد مضيّ هذه الصلاة المشكوك في ابتلائها بمانع عن الصحة. و منها: ما يجري في الشبهات الحكمية، و تكون نتيجته الحكم الكلّي الإلهي، كقاعدة: ما يضمن بصحيحة يضمن بفاسده، حيث تفيد مثلًا ضمان فاسد القرض، لأنّ صحيحه موجب له. و هذه القواعد منها ما يكون مفاده حكماً بالعنوان الأوّلي، كالقاعدة المذكورة، و منها: ما يكون مفاده حكماً بالعنوان الثانوي كقاعدة نفي الضرر، بناءً على نوعيّة الضرر المنفي، و أمّا بناءً على شخصيّته فتدخل القاعدة فيما يجري في الشبهات الموضوعيّة.
و من الواضح أيضاً: انقسام الأصول العمليّة إلى: ما يجري في الشبهات الموضوعيّة فقط، و إلى ما يجري في الشبهات الحكميّة فقط، و إلى ما يجري في كلتيهما كالاستصحاب.
[1] وسائل الشيعة 8/ 237 ط مؤسّسة آل البيت، الباب 23 من أبواب الخلل رقم: 3.