«و الفارق بين القواعد الاصوليّة و غيرها هو: إنّ القواعد الاصوليّة ما كانت صالحةً وحدها- و لو في موردٍ واحد- لأنْ تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي، من دون توقّف على مسألةٍ اخرى من مسائل علم الاصول نفسه أو مسائل سائر العلوم، و هذا بخلاف سائر العلوم، إذ لا يترتب عليها وحدها حكم كبروي شرعي، و لا توصل إلى وظيفةٍ فعلية و لو في موردٍ واحد، بل دائماً تحتاج إلى ضم مسألةٍ اصولية إليها. فمثل العلم بالصعيد و أنه عبارة عن مطلق وجه الأرض أو غيره لا يترتب عليه العلم بالحكم، و إنما يستنبط الحكم من الأمر أو النهي و ما يضاهيهما» [1].
و حيث اختار الشق الأوّل، اضطرّ إلى الالتزام بخروج كثير من مباحث الألفاظ، قال: «إنّما هي مسائل لغويّة، لعدم إمكان وقوعها في طريق الاستنباط وحدها، و بما أنّ القوم لم يعنونوها في اللّغة فقد تعرض لها في فن الاصول تفصيلًا» [2].
تعريف المحقق النائيني
و المحقق الميرزا بتعريفه العلم بأنّه العلم بالكبريات التي لو انضمّت إليها صغرياتها استنتج منها حكم فرعي كلّي [3]، أخرج المسائل غير الاصولية، لكونها لا تقع كبرى قياس الاستنباط، فعلم الرجال الباحث عن أحوال الرجال من حيث الوثاقة و عدمها، يقول: زيد ثقة مثلًا، فيقع هذا صغرى للقياس في قولنا: هذا ما أخبر بوجوبه زيد الثقة، و كلّ ما أخبر الثقة بوجوبه فهو واجب، فهذا واجب.