و بعد الفراغ عن جهة الثبوت، تصل النوبة إلى جهة الإثبات و الظهور العرفي.
و الحق: إن استعمال اللّفظ الواحد في أكثر من معنى خلاف الأصل العقلائي، و إطلاق اللّفظ الواحد و إرادة المعاني المتعددة منه بدون نصب قرينةٍ، شيء غير متعارف عند أهل المحاورة، فإنهم لا يقصدون ذلك حتى في الألفاظ المشتركة، بل لا بدّ من نصب قرينةٍ، يقول الشاعر:
بُز و شمشير هر دو در كمرند
فكلمة «كمر» و إنْ كانت مشتركة بين «سفح الجبل» و «ظهر الإنسان» لكنّ المعنى ظاهر، لأن «بز» و هو المعز يكون على «سفح الجبل» و «شمشير» و هو السيف يكون على «ظهر الإنسان».
فلو لم يكن المعنى ظاهراً مفهوماً لم يجز الاستعمال عقلاءً، بل يكون مقتضى القاعدة عند عدم القرينة على التفصيل الآتي:
إن لم يكن اللّفظ مشتركاً بين معانٍ متعددة بالوضع، فلا شبهة في حمله على المعنى الحقيقي الواحد، بمقتضى أصالة الحقيقة، فإنْ كان له معنى مجازيّاً مشهوراً، و المفروض عدم القرينة، فلا يحمل، لا على المعنى الحقيقي و لا على المجاز المشهور، بل يكون مجملًا.
و إن كان مشتركاً بين معانٍ عديدة، كان محكوماً بالإجمال.
فإن علم بتعدّد المعنى المراد، لكنْ تردّد الأمر بين إرادة المجموع و إرادة الجميع، كما لو كان للمولى عبدان باسم «غانم» و قال: بعت غانماً بدرهمين،