حاصله: إن تمايز العلوم يمكن أن يكون بالموضوع الجامع بين المسائل، لأن العلم عبارة عن مركّب اعتباري من قضايا متعدّدة بينها وحدة اعتبارية، و الموضوع الجامع بين مسائله هو المائز بينه و بين غيره من العلوم، و لا يلزم من ذلك أن يكون كلّ بابٍ أو كل مسألةٍ علماً على حدة، لوجود نوع سنخيّة بين أبواب كلّ علم، بالإضافة إلى اشتراكها جميعاً في تحصيل الغرض الواحد.
و قد أجاب عنه شيخنا الاستاذ بأنّه- في الحقيقة- التزام بما جاء في (الكفاية) و ليس جواباً عنه، إذ اللّازم حينئذٍ هو التحقيق عن منشأ تلك الوحدة و التعدّد، و أنها لوحدة الموضوع و تعدّده أو لوحدة الغرض و تعدّده.
القول بالتمايز بالمحمولات:
و أمّا القول بكون التمايز بالمحمولات، فقد اختاره السيد البروجردي، وعليه حمل كلام القدماء، قال: «الحق مع القدماء حيث قالوا: إن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات، إذ المراد بموضوع العلم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، و ليس هو إلّا عبارة عن جامع محمولات المسائل الذي يكون تمايز العلوم بتمايزه» [1].
و قد مهّد لتوضيح هذا القول خمس مقدمات، و لعلَّ عمدة كلامه في بيان مرامه هو: «إن جامع محمولات المسائل في كلّ علمٍ هو الذي ينسبق أوّلًا إلى الذهن و يكون معلوماً عنده، فيوضع في وعاء الذهن، و يطلب في العلم تعيّناته و تشخّصاته التي تعرض له، مثلًا: في علم الإلهي بالمعنى الأعم يكون نفس الوجود معلوماً لنا و حاضراً في ذهننا، فنطلب في العلم تعيّناته