و بعد الفراغ من مقام الثبوت و بيان الإمكان، فهل هو واقع أو لا؟
قد تقدم سابقاً أن البحث يدور حول وضع اللّفظ على المعاني الشرعيّة من قبل الشارع، سواء كانت معاني الألفاظ موجودةً من قبل أو لا، وعليه، فوجودها قبل شرعنا لا ينفي الحقيقة الشرعيّة، و في القرآن الكريم آيات تدلّ على وجودها كذلك، و أنها كانت بنفس هذه الألفاظ، كقوله عزّ و جلّ «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ»[1]و «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ»[2]و «أَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً»[3]، فهذه الآيات تدل على وجود هذه المعاني من قبل، و بنفس هذه الألفاظ، و يشهد بذلك أنهم لم يسألوا النبي (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) أنه ما ذا كان الصّيام؟ و ما ذا كان الصّلاة ...؟
وعليه، فلا معنى للوضع، إلّا إذا كان المعنى حادثاً، كالأشياء المخترعة الآن، أو كانت المعاني لا بهذه الألفاظ ... و نتيجة ذلك أن لا وضع من الشارع في مقام الإثبات، بل إنه قد استعمل الألفاظ في نفس تلك المعاني، غاية الأمر أنه اعتبر فيها بعض الخصوصيّات ... نعم، مقتضى قوله تعالى: «وَمَا كَانَ