إن معاني الحروف ليس هو الوجود الرابط، بل الموجود بالوجود الرابط، و قد وقع الخلط بينهما في كلمات المستشكل، و اتّضح بطلان القول بأن الوجود الرابط لا ماهيّة له و لا ذات.
بل للحرف ماهيّة، لكنها ناقصة، بمعنى أنها متقوّمة بالطرفين، فلا تكون قابلة للإحضار في الذهن إلّا مع الطرفين.
إن الذي يدخل الذهن هو الماهيّة و ليس الوجود، إذ الوجود إما ذهني أو خارجي، فدخول الوجود الذهني يستلزم اجتماع المثلين، و دخول الوجود الخارجي يستلزم اجتماع المتقابلين، فالوجود غير قابل لدخول الذهن، و هذا ما صار سبباً للإشكال المتقدم، إذ جعل المعنى الحرفي الوجود الرابط، فوقع الإشكال.
إن الذي يدخل في الذهن هو الماهيّة، و الماهيّة تارة تكون بحيث تدخل بنفسها، و تارة تدخل مع غيرها، فالنسبة بين زيد و الدار، و كونه فيها المدلول بلفظ «في» هذا المعنى ليس هو الوجود بالوجدان، لكن دخوله في الذهن لا يكون إلّا بوجود زيد و الدار معه.
فهذا هو مطلب القوم، و الإشكال المذكور غير وارد عليه.
تنبيه
قد تقدّم أن ظاهر كلماتهم أو صريحها أن النسبة بين «النسبة»
[1] الاصول على النهج الحديث (بحوث في الاصول): 26 ط جامعة المدرّسين.