و خرجت لهم تصانيف في هذا الفنّ على أيدي كثير من أعلامهم كأبي سهل النوبختي (311 ه) و الشيخ المفيد (413 ه) و السيّد المرتضى (434 ه) و الشيخ الطوسي (460 ه) و العلّامة الحلّي (726 ه). و لم يثن عزائمهم للمضي في فتح قلاع جديدة في ذلك الميدان أيّ مانع و رادع.
و الحال أنّ علماء الطوائف الاخرى قد توقّعوا في مرحلة الطفولة لذلك العلم بسبب عوامل، منها: سدّ باب الاجتهاد الّذي فرضته عليهم الخلفاء و الحكّام في القرن السابع، فجمدوا و لم يأتوا بشيء جديد غير ما أتى به أمثال ابن حزم (456 ه) في الإحكام و السرخسي (490 ه) في اصوله، و الغزالي (505 ه) في المستصفى، اللّهمّ إلّا ما جاء به الشاطبي (790 ه) في الموافقات. و أمّا ما كتبه المتأخّرون و المعاصرون منهم، فإنّما هو تلخيص أو تحرير أو تهذيب لما صنّفه متقدّموهم. و هذا على خلاف مسيرة تطوّر هذا العلم عند الشيعة، فإنّ ما جاء به أصحابنا في هذه الحلبة من أروع ما توصّل إليه الفكر البشري العملاق و ذلك ببركة فتح باب الاجتهاد على مصراعيه عندهم، و بسبب الضرورة الملحّة الّتي أحسّ بها اصوليوهم في مواجهة الحركة الاخبارية.
مواجهة اصوليي الشيعة للحركة الأخباريّة:
و الحركة الأخباريّة ظهرت في القرن الحادي عشر و استفحلت في القرنين الثاني عشر و الثالث عشر، فتصدّى لها أساطين الفقه و اصوله كالعلّامة الوحيد البهبهاني (1206 ه) و الشيخ الأعظم الأنصاري (1281 ه) و سبّبت هذه المواجهة إعادة العقل إلى ساحة الاستدلال، و تقلص الحركة الأخبارية و ظهور موسوعات اصوليّة و فقهيّة.
و قد واصل الشيخ الأعظم تلك المدرسة بفرائده و مطارحه، و ربّى فحولا في