المعاني، و الملحوظ بالأصالة هي المعاني، فكذلك حال الألفاظ في مقام الوضع. و فيه: أنّ هذين الأمرين إن دلّا على شيء فإنّما يدلّان على الهوهوية الواقعية، و محلّ كلامنا إثبات الهوهوية الجعلية الاعتباريّة و الهوهوية الجعلية لا يكون داخلة في سلسلة العلّية لوجود الهوهوية الكونيّة الواقعية أبدا.
و بعبارة اخرى: يوجد خلط بين ما يرومه المدّعي في مقام الادّعاء و ما يقتضيه استدلاله، لأنّه يدّعي اعتبار الهوهوية في مقام الوضع و يستدلّ عليه بما هو من آثار وجود الهوهوية خارجا و عينا، و شتّان ما بينهما؟ و قد تقدّم أنّ الآثار المزبورة بالدقّة آثار لشدّة الكشف و هو غير الوحدة و الهوهوية الكونية أيضا. و قد سبق أن قلنا: إنّ الهوهوية و الاتّحاد أمر عقلي دقّي لا يكاد يلتفت إليه أذهان العامّة العرفيّة الدين يتصدّون للوضع في الأعلام الشخصية، فما ذكر لا يقوم عليه برهان و لا يساعده الوجدان.
القول بأنّ الوضع عبارة عن التعهّد و الالتزام
و هو ما اختاره المحقّق الخوئي (قدّس سرّه) [1] و حاصله: أنّ حقيقة الوضع عبارة عن التعهد و الالتزام بأنّه متى أراد تفهيم معنى مخصوص تلفّظ بلفظ مخصوص. و كلّ إنسان من أهل أيّ لغة كان متعهّد في نفسه بذلك. و تعهّد كلّ شخص فعل اختياريّ له، و يستحيل أن يتعهّد شخص لشخص آخر. نعم يمكن أن يكون شخص واحد وكيلا عن قبل طائفة في وضع لغاتهم. ثمّ إنّهم تبعا له يتعهّدون على طبق تعهّده، و مع هذا فهم واضعون حقيقة. و أمّا إطلاق الواضع على الواضع الأوّل دون الآخرين فلأسبقيّته في أمر التعهّد.
و قد استقرّت سيرة العقلاء في مقام الاحتجاج على الأخذ بهذه التعهّدات،