، هل دلالة الألفاظ على معانيها ذاتيّة لئلّا تحتاج إلى الوضع و الجعل، أو جعلية و اعتبارية؟ قيل بالأوّل.
و فيه أوّلا: إن كان المناسبة المفروضة بين اللّفظ و المعنى في حدّ العلّية التامّة فلازمه انتقال ذهن كلّ من يسمع اللّفظ إلى المعنى، و هو باطل بالضرورة. و إن كان ذلك في حد الاقتضاء القابل للزوال بفقد الشرائط أو وجود الموانع، فالجواب أنّه ادّعاء بلا دليل، و ما الذي يدلّ على وجود ذلك؟
فإن قيل الدليل عليه هو استحالة الترجيح بلا مرجّح لو لا المناسبة الذاتية، إذ الألفاظ كثيرة و المعاني كثيرة و النسبة بينها على السويّة.
قلنا: المحال هو الترجّح بلا مرجّح، أي رجحان وجود شيء على عدمه من دون مرجّح، دون الترجيح بلا مرجّح، لأنّ الترجيح يصدر من فاعل مختار، و يكفي للمرجّحية نفس إرادته و اختياره أحد المتساويين على الآخر، فهو ليس بقبيح فضلا عن كونه محالا، أ لا ترى أنّ الجائع يختار أحد الرغيفين، و السالك الحائر يختار أحد الطريقين إذا احتاج إلى أحدهما و كانا متساويين من جميع الجهات؟