لا يخفى أنّ الركن الركين في التمسّك بالإطلاق إحراز كون الدليل في مقام البيان من جهة خصوصيّات المأمور به. و أمّا لو كان في مقام آخر كبيان أصل التشريع أو الحثّ و الترغيب على العمل من دون النظر إلى خصوصيّاته، فلا مجال للتمسّك بالإطلاق، و لو فرضنا إمكان انعقاده و عدم تماميّة شيء من المحاذير المتقدّمة.
و الحقّ أنّ إحرازه في مثل أَقِيمُوا الصَّلاةَ* مشكل، بل ممنوع. و لذا لم يعهد منهم التمسّك بالإطلاق الكلامي لرفع الشكّ في جزئيّة شيء للصلاة أو شرطيّته.
نعم، يمكن القول به في الواجبات الماليّة كالخمس و الزكاة؛ لتعلّق الأمر بإخراج المال و الشكّ في مدخليّته قصد القربة فيه مثلا، بل قال به بعض الأعلام في مثل كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ، فالمتّبع في كلّ مورد دلالة الدليل، هذا من جهة.
و من جهة اخرى الرجوع إلى إطلاق الدليل في مثل أَقِمِ الصَّلاةَ* يتوقّف على القول بالأعمّ، إذ على القول بالصحيح يصبح الدليل مجملا، هذا. و لكن ظاهر كلماتهم خروج قصد القربة عن المسمّى على كلّ تقدير و القائلون بالوضع للصحيح مثل القائلين بالأعمّ بنوا على خروج قصد القربة من المسمّى، و محلّ تحقيقه مبحث الصحيح و الأعمّ.
وجوه للتمسّك بأصالة الإطلاق لرفع الشكّ في التعبّدية و إثبات التوصّلية
الأوّل: ما أشار إليه في الكفاية بقوله: هذا كلّه إذا كان التقرّب المعتبر في العبادة بمعنى قصد الامتثال، و أمّا إذا كان بمعنى الإتيان بالفعل بداعي حسنه أو كونه ذا مصلحة أو له تعالى، فاعتباره في متعلّق الأمر و إن كان بمكان من الإمكان. ثمّ ردّه بقوله: إلّا أنّه غير معتبر فيه قطعا لكفاية الاقتصار على قصد