و إلى هذا يشير صاحب العروة (رحمه اللّه) حيث يقول: فصل في النيّة، و هي القصد إلى الفعل بعنوان الامتثال و القربة، و يكفي فيها الداعي القلبي ... بأن يكون الداعي و المحرّك هو الامتثال و القربة، و لغايات الامتثال درجات؛ أحدها: أن يقصد امتثال أمر اللّه؛ لأنّه تعالى أهل للعبادة و الطاعة. الثاني: أن يقصد شكر نعمه، الثالث: أن يقصد به تحصيل رضاه و الفرار من سخطه، الرابع: أن يقصد به حصول القرب، الخامس: أن يقصد به الثواب و رفع العقاب ... أمّا إذا كان ذلك على وجه المعاوضة من دون أن يكون برجاء إثابته تعالى فيشكل صحّته ... إلخ.
فجعل (رحمه اللّه) هذه الامور غايات لنيّة الامتثال التي هي مقوّمة لعباديّة العبادة.
و ثانيا: على هذا المبنى يندفع جميع الإيرادات و المحاذير التي أوردوها على أخذ قصد الأمر سواء في ذلك القسم المؤدّي إلى الاستحالة بالذات كالدور و التسلسل و الخلف و القسم المؤدّي إلى الاستحالة بالعرض كما نحن فيه، فلم ترك الإجابة عنها به؟، و لكن لو أغمضنا عمّا ذكر فما أفاده من الحلّ صالح لدفع إشكال عدم القدرة على الامتثال على النهج الذي قرّره صاحب الكفاية، كغيره (أي كغير الخوف من العذاب) من الدواعي القربية غير قصد الأمر، و يكفي في صدق القدرة على الامتثال القدرة على بعض أفراد الطبيعة المأمور بها. و إن كان إتيان العمل بداعي خصوص قصد الأمر غير مقدور، و سنتعرّض لذلك خلال المباحث الآتية إن شاء اللّه تعالى. و إنّما أشرنا إليه هنا لتمسّك بعض الأجلّة به في المقام. و بذلك ينتهي الكلام في محذور عدم القدرة على الامتثال ردّا و إثباتا. و الحمد للّه.
احتمال الجزئيّة و ما يرد عليه كما في الكفاية
ثمّ تعرّض صاحب الكفاية للاحتمال الثاني أي الشطريّة بقوله:
إن قلت: نعم، لكنّه إذا أخذ قصد الامتثال شرطا، و أمّا إذا أخذ شطرا