أنّ خصوصيّة الملكة و الصناعة و الحرفة و الفعل هل هي راجعة إلى المادّة، كما زعم و جزم به؟ فيكون للسقاية مثلا معنيان فعل السقاية و حرفة السقاية، أو أنّها راجعة إلى الهيئة.
و أمّا المادّة، فهي نفس الطبيعة و هي الحدث المخصوص، و لكن الهيئة أي هيئته فعّال الموضوعة للإكثار و المبالغة استخدمت للدلالة على الحرفة و الصناعة، لملازمة ذلك لكثرة الصدور عادة. و الثاني أرجح في نظري؛ لأنّه أوفق بالفهم العرفي، مضافا إلى أنّه لو كانت الحرفة و الملكة من خصوصيّات المادّة، فلازمه بقاء الهيئة على معناها الأوّلي و هو المبالغة، و الحال أنّ المبالغة في الملكة و الحرفة لا معنى لها أوّلا، و غير مراد للمستعملين قطعا ثانيا؛ لأنّهم لمّا يقولون البنّاء أو السقّاء لا يريدون المبالغة في شيء، بل يريدون به الاحتراف بتلك الحرفة بالمقدار المتعارف. لكن على كلا تقدير هذه الموارد داخلة في النزاع سواء قلنا بأنّ خصوصيّة الحرفة و الصناعة مستفادة من المادّة كما ذهب إليه، أو من الهيئة كما قوّيناه.
الخامس: ما هو المراد من الحال في عنوان المسألة؟
قال (قدّس سرّه) في الكفاية: «خامسها: إنّ المراد بالحال في عنوان المسألة هو حال التلبّس، لا حال النطق» [1].
ثمّ مثّل له بقوله: «كان زيد ضاربا أمس و سيكون غدا ضاربا» [2]، و قال:
«لا شبهة في أنّها حقيقة إن كان متلبّسا بالضرب في الأمس في المثال الأوّل و متلبّسا به في الغد في الثاني».