و حاصله أنّ غاية ما يستفاد من هذا البيان، هو الوضع التعيّني للأعمّ، و هو لا يغني من تصوير الجامع. و إذا ثبت انتفاء الجامع بين المراتب الصحيحة، فانتفاء الجامع الأعمّي بطريق أولى، فيلزم الاشتراك اللّفظي، أو كون الوضع عامّا و الموضوع له خاصّا.
الخامس من وجوه تصوير الجامع الأعمّي
قال (قدّس سرّه): «خامسها: أن يكون حالها حال أسامي المقادير و الأوزان، مثل المثقال، و الحقّة، و الوزنة إلى غير ذلك ممّا لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد و الناقص في الجملة، فإنّ الواضع و إن لاحظ مقدارا خاصّا، إلّا أنّه لم يضع له بخصوصه، بل للأعمّ منه و من الزائد و الناقص، أو أنّه و إن خصّ به [بذلك المقدار الخاصّ] أوّلا، إلّا أنّه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية أنّهما منه، قد صار حقيقة في الأعمّ ثانيا».
و أورد عليه بقوله: «و فيه: أنّ الصحيح- كما عرفت في الوجه السابق- يختلف زيادة و نقيصة، فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد و الناقص بالقياس إليه، كي يوضع اللّفظ لما هو الأعمّ، فتدبّر جيدا» [2].
أقول: و يرد عليه مضافا إلى ما أفاد أوّلا: بطلان قوله، فإنّ الواضع و إن لاحظ مقدارا خاصّا، إلّا أنّه لم يضع له بخصوصه، بل للأعمّ منه و من الزائد و الناقص. فإنّه لا شكّ في أنّ أسامي الأوزان و المقادير موضوعة للمقدار الخاصّ، و أمّا إطلاقها على الزائد و الناقص، فمن باب التسامح العرفي في مقام