قال (قدّس سرّه) في الكفاية: ثمّ إنّه قد انقدح ممّا حقّقناه أنّه يمكن أن يقال إنّ المستعمل فيه في مثل أسماء الإشارة و الضمائر أيضا عامّ و إنّ تشخّصه إنّما نشأ من قبل طور استعمالها، حيث إنّ أسماء الإشارة وضعت ليشار بها إلى معانيها، و كذا بعض الضمائر، و بعضها ليخاطب بها المعنى، و الإشارة و التخاطب يستدعيان التشخّص، كما لا يخفى، فدعوى أنّ المستعمل فيه في مثل «هذا» أو «هو» أو «إيّاك» إنّما هو المفرد المذكّر و تشخّصه إنّما جاء من قبل الإشارة أو التخاطب بهذه الألفاظ إليه فإنّ الإشارة أو التخاطب لا يكاد يكون إلّا إلى الشخص أو معه غير مجازفة [1] (الخ).
و فيه: أنّ المراد من الإشارة إمّا الإشارة الخارجيّة، و إمّا الإشارة المعنوية المستفادة من حاقّ اللّفظ، و الاولى لا تتقوّم باللّفظ، بل تقع بحسب المتعارف باليد و العين و الرأس، و لا دخل للّفظ فيها أصلا. و الثانية تقتضي أن يكون اللّفظ موضوعة لنفس الإشارة أي تكون الإشارة معنى اللّفظ، و المراد حقيقة الإشارة و واقعها، لا مفهومها الكلّي، و هو المتبادر من لفظ «هذا» و مرادفه في الفارسية و سائر اللّغات، و الإشارة الخارجيّة تقارنها، و تعاضدها، و يؤتى بها للتأكيد.
و أمّا اللّفظ إن كان خاليا عن معنى الإشارة فليس فيه قابلية الإشارة حتّى يشار بها إلى المعنى، و تصير آلة للإشارة، بل قابلية أسماء الإشارة و ألفاظها ليشار بها إلى شيء، إنّما هو ببركة وضعها للإشارة، التي عبّرنا عنها بالإشارة المعنوية، فلا يتمّ ما أفاده في الكفاية و هو: أنّ اللّفظ موضوع للمفرد المذكّر، و لكن وضعت ليشار بها إلى ذلك المعنى؛ لأنّه لا قابلية في هذا المعنى لإيجاد