خروجه عن حكم العام، فقد سقط اعتباره فيه، و حيث لم يعلم ذلك الخارج و تردد الامر فيه بين فردين متباينين، و لم يكن اندراج احدهما بعينه فى العام، و خروج الآخر اولى من العكس، كان العام ملغى الاعتبار فى كل منهما، و كان المرجع فيهما الاصول العملية دون العموم.
«منشأ القولين فى التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية»
و اذا دار الامر بين الاقل و الاكثر فى الشبهة المصداقية، فهل يجوز التمسك بالعام فى المصداق المشتبه المحتمل خروجه منه او لا؟
فيه خلاف، و قبل الخوض فى تحقيق الحق و بيان المختار فى هذه المسألة، لا بد من التنبيه على مقدار اعتبار العام فنقول و بالله نستعين: لو ورد اكرم العلماء، ثم ورد فى دليل آخر لا تكرم النحويين منهم، و اشتبه الحال فى زيد العالم، هل هو من النحويين او من غيرهم؟
فقد يتمسك بالعموم للحكم بوجوب اكرامه نظرا الى ان اندراجه فى العلماء قطعى، و خروجه عن حكمهم لكونه نحويا غير معلوم، فيكون ذلك شكا فى التخصيص زائدا على ما يعلم تخصيصه من معلوم الخروج، فيرجع فيه الى اصالة العموم القاضية بوجوب اكرامه.
لا يقال: الشك المتعلق بزيد تارة يكون من جهة الشبهة الحكمية، و اخرى من جهة الشبهة الموضوعة، فأما الجهة الاولى، فذلك الشك الناشى من جهة احتمال مطابقة الحكم العمومى للواقع و عدم مطابقته له، و اما الجهة الثانية فذلك الشك الناشى من جهة تردد الحال فى زيد، هل هو من النحويين او من غيرهم، و اصالة العموم انما ترفع الشك من الجهة الاولى دون الثانية، و الوجه فيه ان وظيفة الشرع، ليس