الثانى: الفرق بين هذه المسألة و ما يأتى من مسئلة النهى فى العبادات، ان الكلام فى هذه المسألة ناظر الى حيثية التزاحم فى المقتضيات و فى المسألة الآتية الى التعارض بين الادلة، فمن قال هنا بالامتناع و بنى على تقديم جانب النهى فانما يحكم بفساد العبادة لتأثير مقتضى الفساد فيها، و غلبته على مقتضى الصحة و هذا يختلف بحسب العلم و الجهل، فمن علم بغصبية المكان و صلى فيه بطلت صلاته لتعذر تمشى نية التقرب منه فى صلاته مع هذا الحال سواء كان علمه مطابقا للواقع او مخالفا له، كما انه اذا جهل ذلك و صلى فيه صحت صلاته اذا لم يكن قد اخل بنية التقرب، فكان التأثير فى الغصبية على هذا منوطا بالعلم و الجهل، اذ ليست مانعيتها الا فى الاخلال بنية التقرب و هذا انما يتأتى مع العلم و الالتفات دون الجهل و الغفلة، و هذا بخلاف الصحة و البطلان فى المسألة الآتية، اذ القائل فيها بالفساد يرى تقديم النهى على عموم بملاك التخصيص و معلوم ان باب التخصيص يمنع عن وجود المقتضى للصحة، فلو صلى فى الدار الغصبى كانت صلاته باطلة، لعدم مقتضى الصحة فيها واقعا لا فى مرحلة الامتثال كما هو محط البحث فى هذه المسألة، و لا يفرق الحال فيه بين صورتى العلم و الجهل كما ان القائل بعدم دلالة النهى فيها على الفساد لا يتفاوت الحال عنده بين صورتى العلم و الجهل، فكم فرق بين المسألتين؟.
و من ذلك ينقدح لك الاشكال فيما ذكر هنا من وجوه الفرق