فى الثالث و الرابع فيلزم التسلسل، أو ينتهى الى جعل مستقل و هو المطلوب، و يمكن تصوير الدور فى المقام، فتأمل تدرك.
و أما المقام الثانى: فلانا نرى بالوجدان خلاف ذلك، لان قول الشارع: الناس مسلطون على أموالهم [1] و أيضا لا يحل مال امرئ الا بطيب نفسه [2] نص بمجعولية الاحكام الوضعية جعلا مستقلا، حيث ان إضافة المال الى الغير، أخذت فى موضوع الحكم فى الروايتين، و موضوع الحكم مقدم على الحكم تقدما رتبيا، فحينئذ يستحيل أنتزع الملكية من الحكم المتأخر عنها رتبتا، فلا بد من فرض حكم أخر ينتزع منه الملكية، فيلزم اما اجتماع المثلين أو الضدين و كلاهما محال عقلا، فعلى ذلك لا بد من سبق هذه الاضافة و الاختصاص، بجعل مستقل للحكم الوضعى كما هو الحق.
ثم انك قد عرفت أن الوضع على قسمين، تعيينى و تعينى، و منهم من أنكر القسم الثانى و تخيل أن العلاقة الوضعية لا تكون الا دفعية، فاذا تواردت الاستعمالات لا يحصل الوضع الا بواحد منها قصد بها انشاء الوضع لا بالمجموع تدريجا، و ذلك الاستعمال الواحد المحقق للوضع يكون من قبيل إنشاء البيع بالمعاطاة، فالتعينى بمنزلة الوضع القولى، و التعيينى بمنزلة الوضع الفعلى و بالجملة استحالة حصول الوضع تدريجا بحسب نظر المتوهم، دعاه الى الالتزام بالوضع فى أحد الاستعمالات التدريجية، و ذلك توهم فاسد كما يشهد به الوجدان، لان الاستعمال الاول يحدث علاقة ضعيفة بين اللفظ و المعنى، و كلما يتكرر الاستعمال تتقوى تلك العلاقة الى درجة