«فى ترتب المثوبة و العقوبة على موافقة الوجوبات الغيرية و مخالفتها»
ثم ان الغرض الاقصى من هذا التقسيم التعرض الى الثمرة المترتبة على القول بوجوب المقدمة و عدم وجوبها فمن قال بوجوب المقدمة قال باستحقاق العقوبة على تركها، و من لم يقل بوجوبها لم يقل باستحقاق العقوبة على تركها.
و قيل: لا ملازمة بين القول بوجوبها و القول باستحقاق العقوبة على تركها، لاختصاص الاستحقاق فى مخالفة الواجبات النفسية دون الغيرية، و هذا غير مرضى عندنا لان مناط الاستحقاق فى العقوبات و المثوبات على الطغيان و الانقياد كما تقرر ذلك فى بحث التجرى و لا ريب فى حصول الطغيان من حين ترك المقدمة.
ان قلت: اذا كان ترك المقدمة موجبا لاستحقاق العقوبة لزم من ذلك تعدد العقوبة فى ترك الواجب الواحد النفسى، اذا كان ذا مقدمات شتى و بطلان اللازم اظهر من ان يخفى.
قلت: وحدة العقوبة و تعددها تابع لوحدة الغرض المقصود و تعدده، و اذا كان الواجب النفسى واحدا ذا مقدمات لم يكن ثمة الا غرض واحد مترتب على ذلك الواجب النفسى و ان تعددت مقدماته فلا يكون تركها مستتبعا الا لعقوبة واحدة لا ازيد.
فان قلت: اذا كان وحدة العقوبة تابع لوحدة الغرض، لزم منه وحدة العقوبة على من لم يأت بشىء من الواجبات الشريعة بالمرة، لانها كلها متحدة فى الغرض و هى المعرفة بمقتضى الآية الشريفة المزبورة المفسرة بالمعرفة.