الأخذ بالحرمة، أو عدم جريان أيّ واحد منها و الرجوع الى التوقف، و الأخير هو مختار شيخنا الأعظم الأنصاريّ في فرائده في مسألة البراءة و الاشتغال، و في مقصد القطع اختار التخيير العقلي.
تنقيح موضوع البحث بتفصيل فيه
و المختار على نحو الاختصار هو التفصيل بين قدرة المكلف على المخالفة القطعية و بين عجزه عنها.
و وجه التفصيل: أنّ في صورة قدرته عليها- و هي: ما اذا كان الدوران بين الوجوب و الحرمة التوصّليّين [1] أو التعبّديين [2] في الواقعة المتعدّدة أو أحدهما المعيّن تعبّديا [3] و لو في واقعة واحدة- تصبح المسألة داخلة في وادي الشكّ في المكلّف به، و خارجة عن دوران الأمر بين المحذورين الدائر أمرهما بين الفعل و الترك؛ لأنّ المكلف و إن لم يتمكّن من الموافقة القطعية
[1] كما لو علم إجمالا بصدور حلفين: أحدهما على فعل شيء، و الآخر على ترك أمر آخر و اشتبه الأمران في الخارج، هذا مثال لتعدّد الواقعة دفعيا. و المثال لتعدّدها تدريجيا: أن يعلم إجمالا بتعلق الحلف بإيجاد فعل في زمان و بتركه في زمان آخر، و اشتبه الزمانان.
[2] مثل: المرأة المردّد أمرها بين الطهر و الحيض، ففي مسألة صومها يتردّد أمر إمساكها و إفطارها بين الوجوب و الحرمة، فلو كانت طاهرة يجب عليها الإمساك عن المفطّرات بقصد القربة و يحرم عليها نية القطع أو القاطع، و لو كانت حائضا يحرم عليها نية الصيام بناء على أنّ الحائض ممنوعة ذاتا عن العبادة، لا تشريعا، و يجب عليها ترك نية الإمساك، فهي متمكّنة من المخالفة القطعية بأن تصوم بعنوان العبادة بنية القربة أو بدونها، فلو كانت طاهرة فهي تركت الصوم بترك نية القربة، و لو كانت حائضا فارتكبت معصية و هي التلبّس بالصوم عبادة.
[3] و هو الوجوب مثلا، كما في المرأة الشاكّة في حيضها، فأمر دخولها في المسجد الحرام حين الحجّ يدور بين الوجوب و الحرمة.