وجوب الوضوء مشروط بوجود الماء المطلق فإذا شكّ في ماء أنّه مطلق أو مضاف لا يصح له أن يكتفي بالوضوء بالماء المشكوك؛ لأنّه شكّ في الامتثال و حصول المحصّل، فعليه أن يحصل على ماء يطمئن أنّه مطلق كي يحرز الامتثال، إذ الوجوب الشرطيّ للوضوء بالإضافة الى طبيعة الماء اخذ على نحو البدلية و صرف الوجود، لا على نحو الانحلالية و الشمول كي يكون الوضوء بكلّ فرد من الماء صحيحا.
و من هذا البيان يظهر: أن لجريان البراءة في الشبهات الموضوعية معيارا ظريفا يلزم التنبّه عليه حتّى لا يقع المفتي على خلاف الواقع، فإنّ في قسم منها يتحتّم وجوب الموافقة القطعية، و هو يساوق مفاد قاعدة الاشتغال كما أشرنا اليه.
و ملخّص هذا القسم: هو أن يكون التكليف و موضوعه و جملة من قيوده معلوما، و إنّما الشكّ في قيد من قيود المتعلق تردّد حصوله بين هذا و ذاك، مثل: ماء يشكّ في أنّه مطلق أو مضاف، و مسلّم أنّ وجوب الوضوء بالإضافة الى هذا القيد مأخوذ بدلا.
أو يشكّ في موضوع التكليف و كان إسناده الى الموضوع المشكوك بدليا أيضا، مثل قوله: أكرم عالما، حيث لا يجوز الاقتصار بإكرام من يشكّ في أنّه عالم؛ لأنّه من الشكّ في الامتثال، و هو مجرى لأصالة الاشتغال.
و الشغل اليقينيّ يستدعي فراغ العهدة على نحو اليقين جار فيه و في نحوه،