وجه الدلالة: أنّ اللّه سبحانه قد ذمّ على الالتزام بترك شيء لم يوجد تحريمه في الكتاب و السنّة، أي الأدلّة التي بأيدينا، فالمتروك حينئذ مجهول الحرمة، و الالتزام بتركه مورد للتوبيخ بالآية؛ لأنّه تشريع في الظاهر مقابل دستور الشريعة.
و من هذا التقريب يظهر: أنّ ظاهر لسان الآية لسان إبطال وجوب الاحتياط في الشبهة الحكمية التحريمية، فتكون الآية أظهر من أخواتها في الدلالة على المقصود، و هو جريان البراءة و إثبات الإباحة الظاهرية في الشبهة.
5- و منها في سورة الانعام، الآية 147: «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً».
دلّت الآية الشريفة على أنّ ما التزمه اليهود بتحريمه على أنفسهم و لم يعلم حرمته فيما أوحى اللّه إلى رسوله من الشريعة افتراء عليه سبحانه من قبلهم فإنّه تشريع محرّم، إذ هو من باب إدخال ما لم يعلم من الدين فيه، فالآية كسابقتها واردة مورد التوبيخ عليهم بأنّهم انصرفوا عن أصل مسلّم عقلائي، و هو:
ما لم يعلم المنع عنه لا يجب ترتيب أثر التحريم عليه، و لا يصحّ الالتزام بتركه، فإنّه قول بغير إذن.
و معنى هذا: أنّه لمّا لم يوجد بيان على الحرمة تكون الوظيفة الذهاب الى البراءة، فبمجرّد عدم العلم بخطاب واقعيّ على التكليف الواقعيّ يكون المكلف مرخّصا ظاهرا في الارتكاب، و يستساغ له الترخيص فعلا في