تاريخ المدينة المنوّرة في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم‌

قدوم رسول الله-صلى الله عليه و سلم-إلى المدينة المنورة (الهجرة) :

الهجرة-و ما أدراك ما الهجرة-أمر عظيم، و حدث جسيم غيّر مجرى التاريخ، و أسبغ على الإسلام العزة و المنعة، و أكسبه الثبات و التأييد. فقد طهرت القلوب، و انصهرت النفوس، و ظهر الإيمان الحق، و بدت الأبطال في مظاهرها الخلابة، و شهد الرسول العظيم صلى اللّه عليه و سلم لكل فرد من أصحابه بميزة جليلة، و خصلة جميلة. أنطقه الله-تبارك و تعالى-بها لتكون مثل الوسام لصحابته الأفاضل الذين مدحهم الله، و أثنى عليهم في القرآن الكريم، و في التوراة العظيمة [1] ، و في الإنجيل المقدس‌ [1] ، ثم في الأحاديث الشريفة. و جاء ذكرهم في أشعار العرب التي تعد سجلاتهم و تواريخهم المركزة في كل أمر مهم. ثم توجه-صلوات الله و سلامه عليه- بكليته إلى إنشاء المساجد الشريفة في المدينة المنورة، فكانت المساجد

[1] وصف التوراة بالعظيمة، و الإنجيل بالمقدس قبل تحريفهما. و لعل المؤلف يشير في ذلك إلى قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللََّهِ وَ اَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدََّاءُ عَلَى اَلْكُفََّارِ رُحَمََاءُ بَيْنَهُمْ تَرََاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اَللََّهِ وَ رِضْوََاناً سِيمََاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ اَلسُّجُودِ ذََلِكَ مَثَلُهُمْ فِي اَلتَّوْرََاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي اَلْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى‌ََ عَلى‌ََ سُوقِهِ يُعْجِبُ اَلزُّرََّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ اَلْكُفََّارَ وَعَدَ اَللََّهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصََّالِحََاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً سورة الفتح، الآية: 29.