responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 3  صفحه : 151

ذو حركة عالمية و قدرة واسعة، و ممثل لأفضل أشكال الاتجاه المؤمن، هو الاسكندر ذو القرنين.

و قد شكى المجتمع المتضرر لهذا القائد من حملات أولئك البدائيين: «قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً» [1] أي أجرة، لكي تكفينا شرهم و تكسر شوكتهم.

و قد استطاع هذا القائد الكبير أن يعلن دعوة اللّه في الأرض، و يحصر نشاط ذلك المد المادي في أضيق نطاق، و أن يعيد المجتمع البشري إلى سابق عهده، من كون الاتجاه المسيطر هو الشكل الثاني للايديولوجية، و يبقى الاتجاه الأول اتجاها شخصيا متفرقا.

و قد اتخذت تدابير ذي القرنين في هذا الصدد، شكلين أساسيين:

الشكل الأول: بناء السد الموصوف في القرآن الكريم المتكون من الحديد و الصفر.

و هو يحتوي على الحماية (العسكرية) من هجمات القبائل البدائية الملحدة.

الشكل الثاني: بناء السد المعنوي في المجتمع المؤمن، و زرع المفاهيم و قوة الإرادة الكافية ضد الانحراف و الفساد.

و لعل في الإمكان مع بعض التوسع في فهم القرآن الكريم، أن نحمل السد الموصوف فيه على السد المعنوي الذي يفصل بين الحق و الباطل. و ان الحديد و الصفر عبارة عن مكوناته المفاهيمية. إلا أننا نعرض ذلك كاطروحة محتملة، على غير اليقين ... و إن كان ذلك ممكنا في لغة العرب. و لكننا سنسير بهذا الاتجاه ريثما تتم هذه الاطروحة.

«قالَ: ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ» مما لديكم من المال و الحطام، بعد أن مكنه اللّه تعالى من الملك و الهداية معا.

و كان السد الذي بناه ذو القرنين، ضخما و مهما، إلى حد يكفي لكبح جماح البدائيين الملحدين ورد عاديتهم، «فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً». فإن الاتجاهات الملحدة تكون دائبة في نشر عقيدتها و اختراق السد الإيماني و قهر قوة الإرادة و الإخلاص عند المؤمنين. إلّا أن سد ذي القرنين، كان منيعا لا يمكن لهذه الاتجاهات أن تؤثر فيه.

و لكنه على أي حال، لم يستطع القضاء عليه نهائيا، بل بقي بوجوده الضعيف مؤثرا في المجتمع الإنساني بمقدار ما يستطيع‌ «وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ». و لم يكن‌


[1] الكهف: 18/ 94.

نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 3  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست