نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 350
و أخرج الترمذي: تكون فتنة ... اللسان فيها أشد من السيف [1] و أخرجه ابن ماجة أيضا [2] كلاهما عن عبد اللّه بن عمرو عن رسول اللّه (ص).
و أخرج ابن ماجة [3] عنه (ص): إياكم و الفتن. فان اللسان فيها مثل وقع السيف.
و لفهم هذا القسم من الأخبار أطروحتان:
الأطروحة الأولى:
إن المراد كف اللسان و الاجتناب عن الكلام، في عصر الفتنة، سواء فيما يذكي أوار الفتنة أو فيما يضادها، و يكفكف من جماحها و يخفف من ضررها.
و هذا هو المفهوم من الاطلاق وسعة المدلول في هذه الأخبار، و خاصة الخبر الأول منها.
و إذا كان هذا هو المفهوم، فلا بد من تقييده، بمقتضى القواعد العامة، التي تبرر العزلة و السكوت أحيانا و توجب العمل الاجتماعي تارة أخرى. فيختص وجوب السكوت، بترك الكلام الذي يكون مشاركة في الفتنة و إذكاء لأوارها.
و يبقى الكلام المضاد للفتنة مسكوتا عنه في هذه الروايات، نعرف أحكامه من الأدلة الأخرى في الإسلام.
الأطروحة الثانية:
أن يكون المراد: وجوب كف اللسان عن المشاركة في الفتنة نفسها. فإن هذه المشاركة من أشد اشكال الانحراف، و مستلزم للفشل في التمحيص الإلهي لا محالة. و معه تبقى المشاكرة بالقول و العمل في إزالة الفتنة أو تخفيف شرها، أو مناقشة اتجاهاتها، واجبة في الإسلام، طبقا للقواعد العامة التي عرفناها. من دون أن تدل هذه الروايات على نفيه.