نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 344
و أخرج ابن ماجة [1]: تكون فتن، على أبوابها دعاة إلى النار. فأن تموت و أنت عاض على جذع شجرة خير لك من أن تتبع واحدا منهم.
و شعف الجبال رءوسها، و جذع الشجرة أصلها. و المراد من العض عليه زيادة ملازمته و الالتصاق به .. و فيه دلالة على الخروج إلى الأرياف و الأطراف .. يسكن الفرد البساتين و يجاور الأشجار أو قمم الجبال، لينجو من مجاورة الفتن و إتباع دعاة الباطل.
و هذه الروايات، و أن كانت بسعة مدلولها، مخالفة للقواعد العامة التي عرفناها، إلا أنه بالإمكان تقييدها كما عملنا في سابقاتها، فتبقى خاصة بصورة وجوب العزلة و السلبية شرعا .. و أما مع حرمتها، يكون الواجب هو العمل الإسلامي الاجتماعي المنتج. و في هذا القسم من الأخبار ما يؤبد هذا التقييد، حيث نجدها تحث على الجهاد إلى جنب النصح بالفرار من الفتن.
بل تخص وجوب الفرار بالعاجز عن الجهاد، و يكون للجهاد الرتبة المقدمة على غيره، كما هو الصحيح في قواعد الإسلام العامة.
أخرج ابن ماجة [2]: إن النبي (ص) قال: خير معايش الناس لهم، رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل اللّه، و يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو قزعه طار عليه إليها، يبتغي الموت أو القتل، مظانه. و رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعاف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يعبد ربه، حتى يأتيه اليقين. ليس من الناس إلا في خير.
و أخرج أيضا [3] عن أبي سعيد الخدري: أن رجلا أتى النبي (ص) فقال:
أي الناس أفضل؟ قال: رجل مجاهد في سبيل اللّه بنفسه و ماله. قال: ثم من؟ قال: ثم امرأ في شعب من يعبد اللّه عز و جل، و يدع الناس من شره.