responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 2  صفحه : 212

ثانيا: نعرف مما تقدم أن العامل الثاني يجب أن يكون متقدما زمانا على العامل الأول، باعتبار توقف التطبيق الحقيقي عليه. فان العدل لا يكون عميقا و أساسيا في المجتمع، ما لم يكن كل الأفراد أو جلهم- على أقل تقدير- ممن شحذت اخلاصه التجارب و رفعت إيمانه و إرادته التضحيات، فانهم يكونون أقدر على العمل و أسرع انتاجا و أكثر تحملا للصعوبات، مما يجعل العدل أعمق أثرا و أضمن للبقاء و الاستمرار.

إذن فالغرض الالهي في إيجاد البشرية، يتوقف وجوده على الاخلاص المنصقل بالتجارب و التضحيات. و من المعلوم أن هذا الصقل لا يمكن حصوله إلا بالمرور في تيار التجارب و التضحيات نفسه. و هذا التيار ليس إلا الظروف الصعبة و الأزمنة المظلمة الظالمة التي تمر بها البشرية خلال الأجيال.

إذن يتبرهن بكل وضوح توقف الغرض الالهي في هداية البشر و إيجاد مجتمع العبادة الكاملة ... على مرور البشرية في ظروف صعبة ظالمة، ليكونوا عند ابتداء التطبيق على مستوى المسئولية المطلوبة للعدل، و يستطيعون بجدارة القيام به و بسهولة الانسجام معه.

النقطة الثامنة:

انه من هذا المنطلق بالذات نعرف أهمية التمحيص و الاختبار الذي دلت عليه الأخبار، كما سوف نسمع، و ارتباطه الأساسي بالتقديم للهدف الالهي الكبير:

باعتبار أن ما تعيشه البشرية من ظروف ظالمة من ناحية و أمور مغرية من ناحية أخرى ... و كم للخوف و الاغراء من قوة في الاندفاع و من تأثير على النفس ...

فيكون ذلك حاملا للفرد على الانحراف عن اللّه تعالى و الخروج على تعاليمه العادلة. و يصبح تطبيق هذه التعاليم على نفسه و غيره من أصعب الأمور، كما قد وصف في بعض الأخبار، بأنه كالقبض على الجمر.

و من هنا تكون هذه الظروف و محاولة هذا التطبيق محكا أساسيا لمدى الاخلاص و قوة الارادة لدى الأفراد. فينهار العدد الأغلب من البشر في أحضان الظلم و الاغراء، تبعا لضعف إرادتهم، و تقديم مصالحهم الشخصية و راحتهم القريبة على الأهداف الكبرى و الغايات القصوى. و يبقى العدد الأقل صامدين‌

نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 2  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست