و لذا نراه يقول: أنا زعيم- أي كفيل و ضامن- بنجاة من لم يرم فيها المواطن، يعني مواطن الهلاك، و تجنب الاشتراك الفعلي في القلاقل. و سلك في الطعن منها، يعني الفتن، و الاحتجاج على وقوعها، السبل المرضية في الاسلام بالاعتراض الهادئ و إبداء الرأي الموضوعي الصحيح.
و من هاتين الفقرتين، نفهم رأي الامام (عليه السلام)، في هذه الفتن، و مرارته و أسفه منها، و اعتراضه على مسببيها من أهل الإسلام، بما فيهم بعض قواعده الشعبية.
النقطة الثامنة:
قوله عن هذه الفتن: و هي امارة لأزوف حركتنا، و مباثتكم بأمرنا و نهينا. و اللّه متم نوره و لو كره المشركون.
و لا نستطيع أن نفهم من ذلك، بطبيعة الحال، أنه (عليه السلام) سوف يظهر بعد هذه الفتن فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا. لأن ذلك لم يحدث، فلا يمكن أن يكون الاعراب عن حدوثه مقصودا للمهدي (ع). على أن مقتضى القواعد العامة التي عرفناها، عدم إمكان الظهور في ذلك العصر لعدم توفر شرائطه و من أهمها كون الأمة على مستوى التضحية الحقيقية في سبيل الإسلام و قيادة العالم كله بالعدل الكامل ... و هو ما لم يكن متوفرا يومئذ بكل وضوح.
و سيأتي في القسم الثاني من هذا التاريخ مزيد توضيح لذلك.
و من هنا احتاجت هذه العبارة من الرسالة إلى تفسير.
و ما يمكن أن يكون فهما كافيا لها، طبقا لأطروحة خفاء العنوان، أحد تفسيرين:
التفسير الأول:
أن يكون المراد من الحركة، انتقاله من العزلة إلى المجتمعات، و من البراري و الجبال إلى المدن. باعتبار ما دلت عليه الرسالة نفسها من الاعتزال، و ما قلناه من