نام کتاب : تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : الطبري، ابن جرير جلد : 3 صفحه : 374
و لم يجدوا بدا من الاقدام، و معهم بنات مخاض، تتبعهم فلما نودى بالرحيل صروا الأمهات، و احتقبوا المنتوجات، لأنها لم تطق السير، فانتهوا ركبانا الى الأنبار، و قد تحصن اهل الأنبار، و خندقوا عليهم، و أشرفوا من حصنهم، و على تلك الجنود شيرزاد صاحب ساباط- و كان اعقل أعجمي يومئذ و اسوده و اقنعه في الناس: العرب و العجم- فتصايح عرب الأنبار يومئذ من السور، و قالوا: صبح الأنبار شر، جمل يحمل جميله و جمل تربه عوذ فقال شيرزاد: ما يقولون؟ ففسر له، فقال: اما هؤلاء فقد قضوا على انفسهم، و ذلك ان القوم إذا قضوا على انفسهم قضاء كاد يلزمهم، و الله لئن لم يكن خالد مجتازا لاصالحنه، فبيناهم كذلك قدم خالد على المقدمه، فاطاف بالخندق، و انشب القتال، و كان قليل الصبر عنه إذا رآه او سمع به، و تقدم الى رماته، فاوصاهم و قال:
انى ارى أقواما لا علم لهم بالحرب، فارموا عيونهم و لا توخوا غيرها، فرموا رشقا واحدا، ثم تابعوا، ففقئ الف عين يومئذ، فسميت تلك الوقعه ذات العيون، و تصايح القوم: ذهبت عيون اهل الأنبار! فقال شيرزاذ: ما يقولون؟
ففسر له، فقال: آباذ آباذ فراسل خالدا في الصلح على امر لم يرضه خالد، فرد رسله، و اتى خالد اضيق مكان في الخندق برذايا الجيش فنحرها، ثم رمى بها فيه فافعمه، ثم اقتحم الخندق- و الردايا جسورهم- فاجتمع المسلمون و المشركون في الخندق و أرز القوم الى حصنهم، و راسل شيرزاد خالدا في الصلح على ما اراد، فقبل منه على ان يخليه و يلحقه بمامنه في جريدة خيل، ليس معهم من المتاع و الأموال شيء، فخرج شيرزاد، فلما قدم على بهمن جاذويه، فاخبره الخبر لامه، فقال: انى كنت في قوم ليست لهم عقول، و اصلهم من العرب، فسمعتهم مقدمهم علينا يقضون على انفسهم، و قلما قضى قوم على انفسهم قضاء الا وجب عليهم ثم قاتلهم الجند،
نام کتاب : تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : الطبري، ابن جرير جلد : 3 صفحه : 374