هََذا رجلٌ ضافَ رجُلاً، و له عَتُودٌ يَيْعِرُ حولَه، يقول: فلم يَذبَحه لنا، و بات يُسَقِّينَا لَبَناً مَذِيقاً كأَنّه بُطُونُ الثّعالب، لأَن اللبنَ إِذا أُجْهِدَ مَذْقُه اخْضَرَّ. و 16- في الحَدِيث : «لا يَجِيءُ أَحَدُكم بشَاةٍ لها يُعَارٌ » و في آخَرَ: «بِشاةٍ تَيْعِرُ » . أَي تَصيح.
و أَكثرُ ما يُقال اليُعَارُ لصَوْت المَعزِ.
و اليَعُورُ ، كصَبور: شاةٌ تَبُولُ على حالِبِهَا و تَيْعَرُ [1]فتُفْسِدُ اللَّبَنَ ، كاليَعُورَة . و اليَعُور : الكَثِيرَةُ اليُعَارِ ، قال الجوهَرِيّ:
هََذا الحرفُ هََكذا جاءَ. قال أَبو الغَوْث: هو البَعُور، بالباءِ يَجعله مأْخوذاً من البَعرِ و البَول، قال الأَزهريّ: هََذا وَهَمٌ، شاةٌ يَعُورٌ ، إِذا كانتْ كِثيرَة اليُعَارِ ، و كأَنّ الليث رأَى في بعضِ الكتب: شاة يعور ، فصخّفه و جعله: شاة بعور بالباءِ.
و في المحكم: اعْتَرضَ الفَحْلُ النّاقَةَ يَعَارَة بالفتح إِذا عارَضَهَا فتَنَوَّخَها، أَو اليَعَارَةُ أَن لا تُضْرَبَ مع الإِبِل بل يُقَادُ إِليها الفَحْلُ ، و ذََلك لكَرَمِهَا. قال الرّاعِي يَصف إِبِلاً نَجائبَ، و أَنّ أَهلَها لا يَغْفُلون عن إِكرامها و مُرَاعاتها، و ليست للنّتاج فهنّ لا يَضْرِب فيهن فَحلٌ إِلا مُعَارَضةً من غير اعتماد، فإِن شاءَت أَطاعته و إِن شاءَت امتنعتْ منه فلا تُكْرَه على ذََلك:
قَلائِص لا يُلْقَحْنَ إِلاّ يَعَارَةً # عِرَاضاً و لا يُشْرَيْن إِلاّ غَوالِيَا [2]
قال الأَزْهَرِيّ: قوله: يُقادُ إِليها الفَحْلُ، مُحَالٌ، و معنَى بيتِ الرَّاعِي هََذا أَنّه وَصفَ نجَائبَ لا يُرْسَل فيها الفَحلُ ضِنًّا بطِرْقِها و إِبْقَاءً لقُوَّتِهَا على السَّيْر، لأَنّ لِقَاحِهَا يُذْهِب مُنَّتَها [3] . و معنَى قوله: إِلاّ يَعَارَةً ، يقول: لا تُلْقَح إِلاّ أَنْيُفْلِتَ فَحلٌ من إِبلٍ أُخْرَى فيَعِيرُ فيَضرِبها في عَيَرَانِه، و كذََلك قال الطِّرِمّاح في نَجِيبَةٍ حَمَلَت يَعَارَةً فقال:
أَنْضَجَتْهُ عِشْرِينَ يَوْماً و نِيلَتْ # حينَ نِيلَتْ يَعَارَةً في العِرَاضِ
أَرادَ أَن الفحلَ ضَرَبها يَعَارَةً ، فلمّا مضَى عليها عشرون ليلةً من وَقتِ طَرَقَها الفَحلُ أَلْقَتْ ذََلك المَاءَ الذي كانتْ عَقَدَت عليه فبَقِيَت مُنَّتُهَا كما كانتْ. قال أَبو الهَيثم: معنَى اليَعَارَة أَنّ النّاقَة إِذا امتَنَعَت على الفَحل عارَتْ منه، أَي نَفَرت، تَعَارُ، فيُعَارِضها الفَحلُ في عَدْوِها حتى يَنَالَها فيَسْتَنِيخَها و يَضرِبَها. و قوله يَعارَةً إِنّمَا يريد عائرةً، فجعلَ يَعَارَة اسماً لها و زاد فيه الهاءَ، و كان حقّه أَنْ يُقَال عارَتْ تَعِير، فقال تَعَارُ، لدُخُول أَحدِ حروفِ الحَلق فيه.
*و ممّا يُسْتَدْرَك عليه:
في كتاب عُمَيْرِ بن أَفْصَى «إِنّ لهُم الياعِرَةَ » ، أَي مالَهُ يُعَارٌ . و 17- في حديث ابن عُمَر : «مَثَلُ المُنَافِق كالشَّاة الياعِرَةِ بين الغَنَمَيْن» . قال ابنُ الأَثِير: هََكذا جاءَ في مُسند أَحمَد، فيحتمل أَن يكون من اليُعَار : الصَّوتِ، و يحتَمل أَن يكون من المقلوب، لأَنّ الرِّوايَة: العَائِرَة، و هي التي تَذْهَب، كذا و كذا.
و اليُعَار ، كغُرَاب: شَجرةٌ في الصَّحراءِ تَأْكُلها الإِبلُ، و به 16- فُسِّر حديث خُزَيْمَةَ : «و عاد لهَا اليَعَارُ [4] مُجْرَنْثِماً» . قاله ابن الأَثير.
و يَعَارُ ، بالفتح، جَبلٌ لبني سُليْم. نقله ياقُوت.
و استدرك شيخُنَا: يِعار ، بكسر الياءِ في جَمْع اليَعْرِ بمعنى الجَدْيِ، و قال: إِنّهُم قالوا. ليس لهم كلمة أَوّلها ياءٌ مكسورة غيرها و غير يِسَارٍ و يِوَامٍ، و قد تقدّم البحثُ فيه.
و ثُبَيْتَةُ ابنةُ يُعَارٍ [5] كغُرَاب، الأَنصاريّة، لها صُحْبة، و هي التي أَعتَقَتْ سالمِاً مَولَى أَبي حُذيْفة.