responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي    جلد : 19  صفحه : 495

و في المِصْباحِ: سُمِّي القَدَر المُخْرَجُ مِن المالِ زَكاةٌ لأنَّه سببٌ يُرْجى به الزَّكاةُ .

و قالَ ابنُ الأثيرِ: الزَّكاةُ في اللُّغَةِ الطَّهارةُ و النَّماءُ و البركةُ و المَدْحُ، و كلُّ ذلك قد اسْتُعْمِل في القُرْآنِ و الحدِيثِ، و وَزْنُها فَعلةٌ كالصَّدَقَةِ، فلمَّا تَحرَّكَتِ الواوُ و انْفتَحَ ما قَبْلَها انْقَلَبَتْ ألفاً، و هي مِنَ الأَسماءِ المُشْتركةِ بينَ المُخْرَج و الفِعْل، فتُطْلَق على العَيْنِ و هي الطَّائفةُ مِن المالِ المُزَكَّى بها، و على المعْنَى، و هو التَّزْكِية ؛ و به فُسِّر قوْلُه تعالى: وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكََاةِ فََاعِلُونَ [1] ، فإنَّما المُرادُ به التَّزْكِيَة لا العَيْن؛ فالزَّكاةُ طُهْرةٌ للأَمْوالِ و زَكاةُ الفِطْرِ طُهْرةٌ للأَبْدانِ، انتَهَى.

و أَجْمَع ما رأَيْت في هذا الحَرْف كَلامُ الراغبِ، رحِمَه اللََّه تعالى في كتابهِ المَفْردَات، و هذا نَصُّه: أَصْلُ الزَّكاةِ النُّموُّ الحاصِلُ عن بَرَكةِ اللَّهِ، عزَّ و جلَّ، و يُعْتَبر ذلكَ بالأُمورِ الدّنيويَّةِ و الأُخْروِيَّةِ، يقالُ: زَكا الزَّرْعُ يَزْكُو إذا حَصَلَ منه نُموٌّ و بركَةٌ.

و قوْلُه، عزَّ و جلَّ: فَلْيَنْظُرْ أَيُّهََا أَزْكى‌ََ طَعََاماً [2] ، إشارَة إلى ما يكونُ حَلالاً لا يُسْتَوْخَم عُقْباهُ؛ و منه الزَّكاةُ لمَا يُخْرجُه الإِنْسانُ مِن حَقِّ اللَّهِ، عزَّ و جلَّ، إلى الفُقراءِ، و تَسْمِيَته بذلِكَ لمَا يكونُ فيها مِن رَجاءِ البَركَةِ، أَو لتَزْكِيةِ النَّفْس، أَي تَنْمِيتها بالخَيْراتِ و البَرَكاتِ أَو لَهُما جَمِيعاً، فَإنَّ الخَيْرينِ‌ [3] مَوْجُودَان فيهما، و قَرَنَ اللَّهُ، عزَّ و جلَّ، الزَّكاةَ بالصَّلاةِ في القُرْآنِ بقوْلِهِ: وَ أَقِيمُوا اَلصَّلاََةَ وَ آتُوا اَلزَّكََاةَ * [4] ؛ و بزكَاءِ النَّفْسِ و طَهارَتِها يَصِيرُ الإِنْسانُ بحيثُ يسْتَحقُّ في الدُّنيا الأَوْصافَ المَحْمودَةَ و في الآخِرَةِ الأَجْرَ و المَثُوبَةَ، و هو أن يَتحرَّى الإِنْسانُ ما فيه تَطْهِيره، و ذلك يُنْسَبُ تارَةً إلى العَبْد لاكْتِسابه ذلكَ نَحْو قوْلِه، عزَّ و جلَّ:

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكََّاهََا [5] ؛ و تارَةً يُنْسَبُ إلى اللَّهِ، عزَّ و جلَّ، لكوْنِه فاعِلاً لذلِكَ في الحقِيقَةِ نَحْو: وَ لََكِنَّ اَللََّهَ‌ يُزَكِّي مَنْ يَشََاءُ [6] ؛ و تارَةً إلى النبيِّ صَلَى اللّه عليه و سلّم لكوْنه واسِطَة في وُصولِ ذلكَ إليهم نَحْو قوْلِه: خُذْ مِنْ أَمْوََالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهََا [7] و قوْلُه: يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِهُ وَ يُزَكِّيكُمْ [8] ؛ و تارَةً إلى العِبادَةِ التي هي آلَةٌ في ذلِك نَحْو: وَ حَنََاناً مِنْ لَدُنََّا وَ زَكََاةً [9] ، و قوْله تعالى:

لِأَهَبَ لَكِ غُلاََماً [10] زَكِيًّا أَي مُزَكىً بالخِلْقَةِ و ذلكَ على طَريقِ ما ذَكَرْناه من الاجْتِباءِ، و هو أنْ يجعَل بعضَ عِبادِهِ عالِماً [11] لا بالتَّعَلُّمِ و المُمارَسَةِ، بل بقوَّةٍ [12] إلهيَّةٍ كما يكونُ لكلِّ الأَنْبياءِ و الرُّسُل.

و يجوزُ أن يكونَ تَسْمِيَته بالمُزَكّى لمَا يكونُ عليه في الاسْتِقبالِ لا في الحالِ، و المَعْنى سيُزَكّى ؛ و قوْلُه تعالى:

وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكََاةِ فََاعِلُونَ أي يَفْعلُونَ ما يَفْعلُونَ مِنَ العِبادَةِ ليُزَكِّيهم اللَّهُ، عزَّ و جلَّ، أَو ليُزَكّوا أَنْفُسَهُم، و المَعْنيانِ واحِدٌ، و ليسَ قَوْلُه عزَّ و جلَّ، للزَّكاةِ مَفْعولاً لقوْلِهِ فََاعِلُونَ ، بل اللام فيه للقَصْدِ و العلَّةِ، و تَزْكِيَة الإِنْسانِ نَفْسه ضَرْبان: أَحَدُهما بالفِعْلِ و هو مَحْمودٌ و إليه قَصَد بقوْلِه تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكََّاهََا ، و قوْلُه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكََّى [13] .

و الثاني بالقَوْلِ كتَزْكِيَةِ العدلِ و غَيره و هو مَذْمُومٌ، و قد نَهَى اللَّهُ، عزَّ و جلَّ عنه بقوْلِهِ: فَلاََ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اِتَّقى‌ََ [14] ؛ و نَهْيه عن ذلِكَ تأْدِيباً لقبْحِ مَدْحِ الإِنْسانِ نَفْسه عَقْلاً و شَرْعاً، و لهذا قيلَ لحكيم: ما الذي لا يحسنُ و إن كان حقّاً؟فقالَ: مَدْحُ الرَّجُل نَفْسه، انتَهَى.

و الزَّكَاة ، مَقْصوراً: الشَّفْعُ من العددِ ، و الخَسَا للفَرْدِ منه، و قد تقدَّمَ، قيلَ للشَّفْع زَكاً لأنَّ الزَّوْجَيْن أَزْكَى مِن


[1] سورة المؤمنون، الآية 4.

[2] سورة الكهف، الآية 19.

[3] عن المفردات و بالأصل «الخيران» خطأ.

[4] سورة البقرة، الآية 43 و 110 و سورة النساء، الآية 77.

[5] سورة الشمس، الآية 9.

[6] سورة النور، الآية 21.

[7] سورة التوبة، الآية 103.

[8] سورة البقرة، الآية 151 و فيها «آيََاتِنََا» .

[9] سورة مريم، الآية 13.

[10] سورة مريم، الآية 19.

[11] في المفردات: عالماً و طاهر الخُلُق.

[12] في المفردات: بل بتوفيق إلهي.

[13] سورة الأعلى، الآية 14.

[14] سورة النجم، الآية 32.

نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي    جلد : 19  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست