الضَّلالُ و الضَّلالَةُ و الضَّلُّ ، و يُضَمُّ، و الضَّلْضَلَةُ و الأُضْلولَةُ ، بالضمِّ، و الضِّلَّةُ ، بالكسْرِ ، و هما مُفْردُ أَضالِيل في قَوْلَيْن، و الضَّلَلُ ، محرَّكةً: ضِدُّ الهُدَى و الرَّشَاد.
و قالَ ابنُ الكَمالِ: الضّلالُ فَقْدُما يُوصلُ إلى المَطْلوبِ.
و قيلَ: سُلوكُ طَريقٍ لا يُوصِلُ إلى المَطْلوبِ.
و قالَ الرَّاغِبُ: هو العُدُولُ عن الطَّريقِ المُسْتَقيمِ، و تضاده الهِدَايَةَ.
و يقالُ: الضَّلالُ لكلِّ عُدُولٍ عن الحقِّ عمداً كانَ أَو سهواً يَسِيراً كانَ أَو كَثيراً، فإنَّ الطَّريقَ المُسْتَقيم الذي هو المُرْتَضى صَعْب جِدًّا و لهذا 14- قالَ، صلّى اللّه عليه و سلّم : «اسْتَقِيموا و لن تُحصُوا» . و لذا صَحَّ أَنْ يُسْتَعْمل لَفْظُه فيمن [3] يكونُ منه خَطَأٌ مَّا، و لذلِكَ نُسِبَ إلى الأَنْبِياء و إلى الكُفَّارِ و إنْ كانَ بَيْن الضَّلالَيْن بَوْنٌ بَعِيدٌ، أَلا تَرَى أَنَّه قالَ في النبيِّ، صلّى اللّه عليه و سلّم:
و قالَ تعالَى في يَعْقوب، عليه السَّلام إِنَّكَ لَفِي ضَلاََلِكَ اَلْقَدِيمِ[5] ، و قالَ أَوْلادُه: إِنَّ أَبََانََا لَفِي ضَلاََلٍ مُبِينٍ[6] ، إشارَةً إلى شَغَفِه بيوسُفَ و شَوْقِه إليه.
و قالَ عن موسى، عليه السَّلام: قََالَ فَعَلْتُهََا إِذاً وَ أَنَا مِنَ اَلضََّالِّينَ[7] ، تَنْبِيهاً أَنَّ ذلِكَ منه سَهْوٌ. قالَ: و الضَّلالُ من وجْهٍ آخَر ضَرْبَان:
ضَلالٌ في العُلومِ النَّظَريَّةِ كالضّلال في مَعْرفَةِ وحْدَانِيَّتِه تعالى و مَعَرفَةِ النُّبوَّةِ و نَحْوِهما المُشَارُ إليهما بقَوْلِه تعالَى:
و ضَلالٌ في العُلومِ العَمَلِيَّةِ كمعْرِفَةِ الأَحْكامِ الشَّرْعيَّةِ التي هي العِبَادَات.
ضلَِلْتَ كزَلَلْتَ تَضِلُّ و تَزِلُّ أَي بفَتْحِ العَيْن في المَاضِي و كَسْرِها في المُضَارِعِ، و هذه هي اللُّغَةُ الفَصِيحةُ، و هي لُغَةُ نَجْدٍ.
و ضَلِلْتُ تَضَلُّ مِثْلُ مَلِلْتُ تَمَلُّ أَي بكَسْرِ العَيْن في المَاضِي و فَتْحِها في المضَارِعِ و هي لُغَة الحجازِ و العَالِيةِ.
و رَوَى كراعٌ عن بنِي تَميمٍ كَسْرَ الضَّادِ في الأَخِيرَةِ أَيْضاً.
قالَ اللّحْيانيُّ: و بهما قُرِىءَ قَوْلُه تعالَى: قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمََا أَضِلُّ عَلىََ نَفْسِي[9] ، الأَخِيرَةُ قِرَاءَة أَبي حَيْوَة، و قَرَأَ يَحْيَى بنُ وَثَّاب: إِضَلُّ ، بكَسْرِ [10] الهَمْزَةِ و فَتْحِ الضَّادِ، و هي لُغَةُ تَميمٍ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: و كان يَحْيَى بنُ وَثَّابٍ يقْرَأُ كلَّ شيءٍ في القُرْآنِ ضَلِلْت و ضَلِلْنا بكَسْرِ اللاَّمِ، و رَجُلٌ ضَالٌّ تالٌّ.
و أَمَّا قِرَاءَةُ من قَرَأَ و لا الضَّأَلِّينَ بهَمْزِ الأَلفِ، فإِنَّه كَرِهَ الْتِقَاءَ السَّاكِنَيْن الأَلِف و اللامِ فحرَّكَ الأَلِفَ لالْتِقَائِهما فانْقَلَبَت هَمْزَة، لأَنَّ الأَلفَ حَرْفٌ ضَعِيفٌ وَاسِعُ المَخْرَجِ لا يَتَحَمَّل الحَرَكَة، فإذا اضْطُرُّوا إلى تَحْرِيكِه قَلَبُوه إلى أَقْربِ الحُرُوفِ إليه و هو الهَمْزَةُ، قالَ: و على ذلِكَ ما حَكَاه أَبُو زَيْدٍ من قَوْلِهم شَأَبَّة و مَأْدَّة.
قلْتُ: و هي قِرَاءَةُ أَيُّوب السِّختياني، و قد بَسطَه ابنُ جنّي في المحتسبِ و ذَكَرَ تَوْجِيه هذه القِرَاءَة فانْظُرْه.