نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 14 صفحه : 4
و قَدْ سَقُوا آبالَهُمْ بالنَّارِ # و النَّارُ قَدْ تَشْفي منَ الأَوَّارِ [1]
و تَصْغِيرُها أُبَيْلَةٌ أدْخَلُوها الهاءَ كما قالُوا غُنَيْمَةٌ.
قُلْتُ: و مُقْتضاهُ أنَّه اسمُ جَمْعٍ كَغَنمٍ وَ بَقَرٍ و قَدْ صَرَّحَ به الجَوْهَرِيُّ، و ابن سِيدَه، و الفَارَابِيُّ، و الزُبَيْدِيُّ، و الزَّمَخْشَرِيُّ، و أَبو حَيَّان، و ابْنُ مالِكٍ، و ابْنُ هِشَامٍ، و ابْنُ عَصْفُورٍ، و ابْنُ إيَّازٍ، و الأَزْهَرِيُّ، و ابْنُ فَارِس، قالَ شَيْخُنَا:
و قد حَرَّرَ الكَلامَ فيه الشَّهابُ الفَيُّومِيّ في المِصْبَاحِ أخْذاً من كَلامِ أسْتَاذِهِ الشَيْخ أبي حَيَّان فقالَ: الإِبِلُ اسمُ جَمْعٍ لا واحِدَ لها من لَفْظِها و هي مُؤنَّثة لأنَّ اسمَ الجَمْعِ الذي لا واحِدَ له من لَفْظِهِ إذا كان لِمَا لا يَعْقِلُ يَلْزَمُه التَّأنِيثُ و تَدْخُلُه الهاءُ إذا صُغِّرَ نحو أُبَيْلَةٌ و غُنَيْمَةً. قالَ شَيْخُنَا و احْتُرِزَ بما لا يَعْقِلُ عمَّا إذا كانَتْ للعَاقِلِ كَقومٍ و رَهْطٍ فإِنَّها تُصَغَّرُ بغَيْرِ هاءٍ، فَتَقُولُ في قَومٍ قُوَيمٍ، و في رَهْطٍ رُهَيْطٍ، قالَ: و ظَاهِرُ كَلامِهِ أنَّ جَميعَ أسْماءِ الجُمُوعِ التي لِمَا لا يَعْقِلُ تُؤَنَّثُ و فيها تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الشَيْخُ ابْنُ هِشَامٍ تِبْعاً للشَّيْخِ ابنِ مالِكٍ في مُصَنَّفَاتِهِما. و قالَ أبو عَمْرٍو في قولِهِ تعالى: أَ فَلاََ يَنْظُرُونَ إِلَى اَلْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ[2] الإِبِلُ السَّحَابُ الذي يَحْمِلُ ماءَ المطرِ و هو مَجَازٌ و قال أبو عَمْرٍو بنُ العَلاَءِ: مَنْ قَرَأها بِالتَّخْفيفِ أرَادَ به البَعيرَ لأنَّه من ذَوَاتِ الأَرْبَعِ يَبْرُكُ فَتُحمَلُ عليه الحُمُولَة، و غَيْره من ذَوَاتِ الأرْبَعِ لا تُحملُ عليه إلاَّ و هو قائِمٌ. و مَنْ قَرَأها بالتَّثْقِيلِ قالَ: الإِبِلُ السحابُ التي تحمل الماءَ للمطرِ فَتَأمَّلْ.
و يُقَال: إبِلانٍ قال سِيْبَوَيْه: لأَنَّ إِبِلاً اسمٌ لم يُكَسر عليه و إِنَّما هُما لِلْقَطِيعَيْنِ من الإِبِلِ . قال أبو الحَسَنِ: إِنَّمَا ذَهَبَ سِيْبَوَيْه إلَى الإِينَاسِ بتَثْنِيةِ الأَسْمَاءِ الدَّالَةِ على الجَمْعِ، فهو يُوجِّهُهَا إلى لَفْظِ الآحَادِ، و لذلك قالَ: إنَّما يُريدُونَ القَطِيعَيْنِ قال: و العَرَبُ تقولُ إنَّه ليَرُوحُ على فُلانٍ إبلانُ إذا رَاحَتْ إِبِلٌ مَعَ رَاعٍ و إِبِلٌ مَعَ رَاعٍ آخَرَ: و أنْشَدَ أبو زَيْدٍ في نَوادِرِهِ لشُعْبَة بن قُمَيْرٍ:
هُمَا إبِلاَن فيهِمَا ما عَلِمْتُمَا # فَعَنْ آيَةِ ما شِئْتُمُ فَتَنَكَّبُوا
و قال المُسَاوِرُ بنُ هَنِيدٍ:
إذا جَارَةٌ شلت لِسَعْد بن مالِكٍ # لها إبِلٌ شلت لها إِبِلاَن
و قالَ ابْنُ عَبَّادٍ: فُلانٌ له إِبِلٌ ، أي له مائةٌ مِنَ الإِبِلِ و إبِلاَن مائتَان. و قالَ غَيرُه أقَلُّ ما يَقَعُ عليه اسمُ الإِبِلِ الصَّرْمَةُ، و هي التي جَاوَزَتِ الذَّوْدَ إلى ثَلاثِيْنَ، ثم الهَجْمَة [3] ، ثم هُنَيْدَةُ مائة منها و تَأبَّلَ إِبِلاً اتَّخَذَها كَتَغَنَّمَ غَنَماً اتَّخَذَ الغَنَمَ، نَقَلَهُ أبو زَيْد سمَاعاً عن رجُلٍ من بَنِي كِلابٍ اسْمُهُ رَداد. و أبَلَ الرجُلُ كضَرَبَ كثُرَتْ إِبِلُه كأبَّلَ تَأبِيلاً و قالَ طُفَيلُ:
فأبَّلَ و اسْتَرْخَى به الخَطْبُ بَعْدَ ما # أسَافَ وَ لَوْلاَ سَعْيُنَا لم يُؤبَّلِ [4]
نَقَلَهُ الفَرَّاءُ و ابْنُ فارِس في المُجْمَلِ. و آبَلَ إيبَالاً و أبَلَ يأبَلُ إبِلاً إذا غَلَبَ و امْتَنَعَ عن كِرَاع كَأبَّلَ تَأبِيلاً و المَعْرُوفُ أبَلَّ و أبَلَّت الإِبلُ[5] و الوَحْشُ تَأْبُلُ تَأْبِلُ من حَدَّي نَصَرَ و ضَرَبَ أبْلاً بالفتحِ و أُبولاً بالضمِ جَزَأَتْ عن الماءِ بالرُّطْبِ قالَ لَبِيْدُ رضي اللّه عنه:
و إذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أَجْمَزَتْ # قِرَابِي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أبَلْ [6]
كأَبِلَتْ كسَمِعَتْ و تَأَبَّلَتْ و هذه عن الزَّمَخْشَرِيِّ قال: و هو مجازٌ و منه قِيلَ للرَّاهِبِ الأُبَيْلُ الواحِدُ آبِلٌ ج أُبَّالٌ ككَافِرٍ و كُفَّارٍ أَو أَبِلَتِ الإِبِلُ تَأْبِلُ إذا هَمَلَتْ فَغَابَتْ و ليس معَها راعٍ أَو تأبَّدَتْ أَي تَوحَّشَتْ و مِنَ المجازِ أَبِلَ الرجُلُ عن امرأتِهِ إذا امْتَنَعَ عن غِشْيانِها كَتأبَّلَ و منه 16- حدِيثُ وَهَبِ بنِ مُنَبِّهٍ :
«لَقَدْ تَأَبَّلَ آدَمُ عليه السلام [7] على ابْنِه المَقْتُولِ كَذا و كَذا عاماً لا يُصِيبُ حَوَّاءَ أي امْتَنَعَ من غِشْيانِها مُتَفَجِّعاً على ابْنِهِ.
فَعَدّى بعَلَى لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى تَفَجَّعَ. و مِنَ المجازِ[ أبِلَ ] يَأبِلُ أُبْلاً إذا نَسَكَ و أبلَ بالعَصا ضَرَبَ بها عن ابنِ عَبَّادٍ و أبِلَتِ الإِبِلُ أُبُولاً كقُعودٍ أقامتْ بالمكانِ قالَ أبو ذُؤَيْبٍ: