و من المجازِ أَيضاً: رَجُلٌ كاسِفُ البالِ: أي سَيِّئُ الحالِ نقَلَه الجوهريُّ.
و من المَجاز أَيْضاً: رَجُلٌ كاسِفُ الوَجْهِ: أَي عابِسٌ نقله الجوهريُّ، أي من سوءِ الحالِ، و قِيل: كُسُوفُ البالِ: أَنْ تُحَدِّثَه نفسُه بالشّرِّ، و قيل: هو أَنْ يَضِيقَ عَلَيه أَمَلُه.
وَ يُقال: عبَسَ في وَجْهِي، و كَسَفَ كُسُوفاً .
وَ الكُسُوفُ في الوَجْهِ: الصُّفْرَةُ و التَّغَيُّرُ، و رجلٌ كاسِفٌ :
مَهْمُومٌ قد تَغَيَّر لونُه و هُزِلَ من الحُزْنِ.
و في المَثَلِ: «أَ كَسْفاً و إِمْساكاً؟» يُضْرَبُ للمُتَعَبِّسِ البَخِيلِ و في الصِّحاح: أي أَ عُبُوساً [2] و بُخْلاً، و مثله في الأَساسِ [3] ، و هو مَجازٌ.
و من المَجاز: يومٌ كاسِفٌ : أي عَظِيمُ الهَوْلِ، شَدِيدُ الشَّرِّ قال:
يا لَكَ يَوْماً كاسِفاً عَصَبْصَبَا
و الكَسْفُ في العَرُوضِ: أَنْ يكونَ آخِرُ الجزْءِ منه مُتَحَرِّكاً فيَسْقُطَ الحَرْفُ رَأْساً قال الزمَخْشَرِيُّ: و بالمُعْجَمَةِ تَصْحيفٌ نقله عنه الصّاغانِيُّ في العُباب [4] ، و الذي رَواهُ بالمُعْجَمَةِ يقولُ: إِنّه تشبيها له بالرَّجُل المَكْشُوفِ الذي لا تُرْسَ معه، أو لأَنَّ تاءَ مَفْعُولات تمنعُ كونَ ما قَبْلَها سببا، فينكَشِفُ المَنْعُ بزَوالِها، نقله شيخُنا، و قوله: «هو غَلَطٌ محضٌ» بعدَ ما صَرّحَ أَنّه تابَعَ فيها الزَّمَخْشَرِيِّ، و كذا قولُه فِيما بعدُ: «فلا مَعْنَى لما ذَكَرَه المصنِّفُ» مَحَلُّ تأَمُّلٍ يُتَعَجَّبُ له.
و كَسَفُ بالتَّحْرِيكِ: ة، بالصُّغْدِ بالقُرْبِ من سَمَرْقَنْدَ.
و كَسَفَةُ[5] بالفَتْح: ماءَةٌ لبَنِي نَعامَةَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، و قِيلَ:
هي بالشِّينِ المُعْجَمَة و صَوَّبه في التَّكْمِلَة. و قولُ جَرِيرٍ يَرْثِي عُمَرَ بنَ عبدِ العَزِيز-رحمَهُ اللََّه تَعالَى-:
أي: الشَّمْسُ كاسِفَةٌ لمَوْتِكَ تَبْكِي عَليْكَ الدَّهْرَ أَبَداً قال شَيْخُنا: هو بِناءٌ على أنَّ نَصْبَ النُّجُوم و القَمَر على الظَّرْفِيَّةِ لا المَفْعُولِيَّة، و هو مُخْتارُ كَثِيرٍ، مِنْهُم الشَّيْخُ ابنُ مالِكٍ، كما في شَرْحِ الكافِيَةِ، قال: و جَوَّزَ ابنُ إِيازٍ-في شَرْح فُصُولِ ابنِ مُعْطِي-كونَ نُجومِ اللَّيْلِ مَفْعُولاً معه، على إِسْقاطِ الواوِ من المَفْعُولِ معه، قال شيخُنا: فما إِخالُه يُوافَقُ على مِثْلِه. قلتُ: و أَنشَدَه اللَّيْثُ هََكذا، و قالَ: أَرادَ ما طَلَع نَجْمٌ وَ ما طَلَع قمرٌ، ثم صَرَفه فنَصَبَه، و هََذا كما تَقُول: لا آتيكَ مَطْرَ السَّماءِ: أي ما مَطَرَت السَّماءُ، و طُلُوعَ الشَّمْسِ، أي ما طَلَعَت الشّمسُ، ثم صَرَفْتَه فنَصَبْتَه، و قالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابنَ الأَعرابيِّ يَقُولُ: تَبْكِي عليكَ نُجومَ اللّيْل و القَمَرَ: أي ما دامَت النُّجُومُ و القمرُ، و حُكِيَ عن الكِسائِيِّ مثلُه و وَهِمَ الجَوْهَريُّ فغَيَّرَ الرِّوايةَ بقَوْلِه: «فالشَّمْسُ طالِعَةٌ لَيْسَتْ بكاسِفةٍ[7] قال الصّاغانيُّ: هََكَذا يَرْويه النُّحاةُ مُغَيرا، قال شيخُنا: و هِيَ رِواية جَمِيعِ البَصْرِيِّينَ، كما هُو مَبْسُوطٌ في شَرْح شَواهِد الشَّافِيَةِ، في الشّاهدِ الثالِثَ عَشَرَ، و عَلَى هََذِه الرِّواية اقْتَصَرَ ابنُ هِشامٍ في شَواهِدِه الكُبْرَى، و الصُّغْرَى، وَ مُوقِدِ الأَذْهانِ و مُوقِظ الوسَنْانِ، و غيرِها و تَكَلَّفَ لمَعْناهُ و هو قولُه: أي لَيْسَت تَكْسِفُ ضوءَ النُّجُومِ مع طُلُوعِها؛ لقِلَّةِ ضَوْئِها و بُكائِها عليكَ.
وَ في اللِّسانِ: و كَسَفَت الشَّمْسُ النُّجُومَ إذا غَلَبَ ضَوْءُها على النُّجُوم، فلم يَبْدُ منها شَيْءٌ، فالشَّمْسُ حِينَئذٍ كاسِفَةُ النُّجُوم، و أَنْشَدَ قولَ جَرِيرٍ السّابِقَ، قال: و مَعْناه أَنَّها طالِعَةٌ تَبْكِي عليكَ، و لم تَكْسِفْ ضوءَ النُّجوم و لا القَمَر؛ لأَنَّها في طُلُوعِها خاشِعَةٌ باكِيَةٌ لا نُورَ لَها. قلتُ: و كذََلكَ ساقَهُ المُظَفَّرُ سيفُ الدَّولَةِ في تارِيخِه، و قالَ إنَّ ضوءَ الشَّمْسِ
[5] بالأصل و القاموس: و كشفه بالشين المعجمة. و ما أثبت عن معجم البلدان و قد ذكرها في السين و الشين المعجمة و نص على الفتح ثم السكون، و في الموضوعين قال: ماء لبني نعامة.
[6] التهذيب: برواية: الشمس طالعة ليست بكاسفة، و فسره قال: و معناه أنها طالعة تبكي عليك و لم تكسف النجوم و لا القمر لأنها في طلوعها خاشعة لا نور لها. و سيرد ذلك قريباً نقلاً عن اللسان.