نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 10 صفحه : 68
و شَهْرُ رَمَضَانَ ، مُحَرَّكَةً، مِنَ الشُّهُورِ العَرَبِيَّةِ م معروف، و هو تاسعُ الشهورِ. قال الفرّاءُ: يُقَال: هََذا شَهْرُ رَمَضَانَ ، و هما شَهْرَا رَبِيعٍ و لا يُذْكَر الشَّهْرُ مع سائِر أَسماءِ الشُّهورِ العَرَبيّة. يقال: هََذا شعبانُ قد أَقْبَلَ، و شاهِدُه قوله عَزَّ و جَلَّ: (شَهْرُ رَمَضََانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ)[1] ، و شاهِدُ شَهْرَيْ رَبيعٍ قَوْلُ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كِلَيْهمَا # فَقَدْ مَارَ فيهَا سِمْنُهَا [2] و اقْترارُهَا
قلتُ: و كََذلك رَجَبٌ فإِنَّهُ لا يُذْكَر إِلاّ مُضَافاً إِلى شَهْرٍ، و كَذَا قَالُوا الَّتِي تُذْكَرُ بلَفْظ الشَّهْر هي المَبْدُوءَة بحَرْف الرّاء، كما سَمعْتُه من تَقْرير شَيْخِنَا المَرْحُوم السّيّد مُحَمّد البُلَيْديّ الحَسَنِيّ، رَحِمَهُ اللََّه تعالى، و أَسكَنه فَسِيحَ جَنَّته، قُلْتُ: و قد جاءَ في الشِّعر من غَيْر ذكْر الشَّهْر قال:
جَارِيَةٌ في رَمَضَانَ الماضِي # تُقَطِّعُ الحَديثَ بالإِيماضِ
قال أَبو عُمَرَ المُطَرِّزُ: أَي كانُوا يَتَحَدَّثُون فَنَظَرتْ إِلَيْهم، فاشْتَغَلوا بحُسْنِ نَظَرِهَا عن الحَدِيثِ، و مَضَتْ.
و في الرَّوْض للسُّهَيْلِيّ في قَوْلِهِ تَعَالَى: (شَهْرُ رَمَضََانَ ) ، اخْتَارَ الكُتَّاب و المُوَثِّقُون النُّطْقَ بهََذَا اللَّفْظ دُونَ أَنْ يَقُولُوا كُتِبَ في رَمَضَانَ . و تَرْجَمَ البُخَاريُّ و النَّوَرِيّ على جَوَازِ اللَّفْظَيْنِ جَمِيعاً، 16- و أَوْرَدَا الحَديثَ : «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ » . و لم يَقُل: شَهْرَ رَمَضَانَ ، قال السُّهَيْليّ: لكُلِّ مَقَامٍ مَقالٌ، و لا بُدَّ من ذِكْر شَهْرَ في مَقَامٍ و حَذْفِه في مَقَامٍ آخرَ، و الحِكْمَةُ في ذِكْره إِذا ذُكِرَ في القُرْآن و غَيْره، و الحِكْمَةُ أَيْضاً في حَذْفِهِ إِذا حُذِفَ من اللَّفْظ، و أَيْنَ يَصْلُحُ الحَذْفُ و يَكُونُ أَبْلَغَ من الذِّكْر. كُلُّ هََذَا قد بَيَّنَاه في كتاب «نَتَائج الفِكر» غَيْرَ أَنَّا نُشِير إِلى بَعْضها فنَقُولُ: قال سِيبَوَيْه: و ممَّا لا يَكُونُ العَمَلُ إِلاَّ فيه كُلّه المُحَرَّم و صَفَر، يُريد أَن الاسْمَ العَلَم يَتَنَاوَلُه اللَّفْظ كُلّه، و كَذََلك إِذا قُلْت: الأَحَد و الاثْنَين، فإِن قُلْت يَوْمَ الأَحَدِ، أَو شَهْر المُحَرَّم، كان ظَرْفاً و لم يَجْرِ مَجْرَى المَفْعُولات، و زَالَ العُمُومُ من اللَّفْظ، لأَنَّك تُريد:
في الشَّهْر و في اليَوْم، و لذََلكَ 14- قَالَ صلى اللََّه عليه و سلم : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ » .
و لم يَقُل شَهْرَ رَمضانَ ليَكُون العَمَلُ فيه كُلّه.
ج: رَمَضَانَاتٌ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ و رَمَضَانُونَ، و أَرْمِضَةٌ ، الأَخيرُ في اللِّسَان. وَ فَاتَهُ أَرْمِضَاءُ ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ، و رَمَاضِينُ ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ و صَاحِبُ اللّسَان. و قال ابنُ دُرَيْدٍ: زَعَمُوا أَنّ بَعْضَ أَهل اللُّغة قال: أَرْمُضٌ ، و هو شَاذٌّ و لَيْس بالثَّبت و لا المَأْخوذ به. سُمِّيَ به لِأَنَّهُمْ لَمّا نَقَلُوا أَسْمَاءَ الشُّهُورِ عن الُّلغَة القَديمَة سَمَّوْهَا بالأَزْمِنَةِ الَّتي وَقَعَتْ فِيهَا . كَذَا في الصّحاح، و في الجَمْهَرَة: التي هي فيها:
فوَافَق ناتِقٌ[3] ، أَيْ هََذَا الشَّهْرُ و هو اسْمُ رَمَضَانَ في اللُّغَةِ القَديمَةِ أَيّامَ زَمَن الحَرِّ و الرَّمَض ، فسُمِّيَ به. هََذه عبارَةُ ابْن دُرَيْد في الجَمْهَرَة، و لكنَّ المُصَنّف قد تَصَرَّف فيها على عادَته، و نَصُّ الجَمْهَرَة: فَوَافَقَ رَمَضَانُ أَيّامَ رَمَضِ الحَرِّ و شِدَّتِه فسُمِّيَ به، و نَقَله الصّاغَانِيّ و صاحبُ اللّسَان هََكذا على الصَّواب. و في الصّحاح: فوَافَق هََذا الشَّهْرُ أَيّامَ رَمَضِ الحَرِّ فسُمَّيَ بذََلك. و هو قَريبٌ من نَصِّهما، و لَيْس عنْدَ الكُلِّ ذِكْرُ ناتِق، و سَيَأْتي في القَاف أَنَّه من أَسْمَاءِ رَمَضَانَ ، و قد وَهِمَ الشُّرَّاحِ هُنَا وَهماً فاضحاً، حَتَّى شَرَحَ بَعْضُهُم نَاتق بشدَّةِ الحَرّ، كأَنَّهُ يَقُولُ وَافَقَ رَمَضَانُ ناتِقَ، بالنَّصْب، أَي شِدَّة زَمَن الحَرِّ، و هو غَريبٌ، و كُلُّ ذََلكَ عَدَمُ وُقُوفٍ على مَوادِّ الُّلغَةِ، و إِجْراءُ الفِكْرِ و القِيَاسِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الأُصُول. فتَأَمَّلْ. أَو هُوَ مُشْتَقٌ مِنْ رَمَضَ الصائِمُ يَرْمَضُ ، إِذا اشْتَدَّ حَرُّ جَوْفِه من شِدَّةِ العَطَشِ. و هو قَولُ الفَرَّاءِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَحْرِقُ الذُّنُوبَ ، من: رَمَضَهُ الحَرُّ يَرْمِضُهُ ، إِذا أَحْرَقَه، و لا أَدْرِي كَيْفَ ذََلِكَ، فإِنّي لم أَر أَحَداً ذَكَرَه.
وَ رَمَضَانُ -إِن صَحَّ-مِنْ أَسماءِ اللََّه تَعَالَى فغَيْرُ مُشْتَقٍ مِمّا ذُكِرَ أَو رَاجِعٌ إِلَى مَعْنَى الغَافِرِ، أَي يَمْحُو الذُّنُوبَ و يَمْحَقُهَا . قال شَيْخُنَا: هو أَغْرَبُ مِن إِطْلاق الدَّهْرِ، لأَنَّهُ وَرَدَ في الحَدِيث، و إِنْ حَمَلَه عِيَاضٌ على المَجازِ، كما مَرَّ، و لم يَرِدْ إِطلاقُ رَمَضَانَ عَلَيْه تَعَالَى، فكَيْفَ يَصِحُّ، و بأَيِّ مَعْنَى يُطْلَق عَلَيْه، سُبْحَانَه و تَعَالَى.
قُلتُ: و هََذا الَّذِي أَنْكَرَهُ شَيْخُنَا مِنْ إِطْلاقِ اسْمِ رَمَضَانَ عَلَيْه. سُبْحَانَه، فَقَد نَقَلَه أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ المُطَرَّزُ في