نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 1 صفحه : 6
و في باب القول على أصل اللغة أإلهام هي أم اصطلاح؟يقول ابن جني [1] :
هذا موضع محوج إلى فضل تأمل، غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع و اصطلاح لا وحي و توقيف. إلاّ أن أبا علي رحمه اللّه، قال لي يوما: هي من عند اللّه، و احتج بقوله سبحانه: وَ عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْمََاءَ كُلَّهََا و هذا لا يتناول موضع الخلاف... على أنه قد فسّر هذا بأن 16- قيل : إن اللّه سبحانه علم آدم أسماء جميع المخلوقات، بجميع اللغات العربية، و الفارسية، و السريانية و العبرانية و الرومية، و غير ذلك من سائر اللغات، فكان آدم و ولده يتكلمون بها، ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا، و علق كل منهم بلغة من تلك اللغات فغلبت عليه، و اضمحل عنه ما سواها، لبعد عهدهم بها.
و إذا كان الخبر الصحيح قد ورد بهذا وجب تلقيه باعتقاده، و الانطواء على القول به.
و في موضع آخر يقول [2] : و ذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات، كدويّ الريح، و حنين الرعد، و خرير الماء، و شحيج الحمار، و نعيق الغراب، و صهيل الفرس، و نزيب الظبي و نحو ذلك، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد.
و هذا عندي وجه صالح، و مذهب متقبل.
و استرسل السيوطي في ذكر احتجاج كل من القائلين بالتوقيف، و احتجاج القائلين بالاصطلاح [3] .
و انتهى ابن جني إلى القول: الصواب سواء قلنا بالتوقيف أم بالاصطلاح أن اللغة لم توضع كلها في وقت واحد، بل وقعت متلاحقة متتابعة [4] .
قال ابن فارس في فقه اللغة: باب القول في مأخذ اللغة: تؤخذ اللغة اعتيادا كالصبي العربي يسمع أبويه أو غيرهما فهو يأخذ اللغة عنهم على ممر الأوقات، و تؤخذ تلقّنا من ملقّن، و تؤخذ سماعا من الرواة الثقات ذوي الصدق و الأمانة، و يتّقى المظنون [5] .
و نقل السيوطي [6] عن الزركشي أن اللغة لا تلزم إلا بخمس شرائط:
أحدها: ثبوت ذلك عن العرب بسند صحيح يوجب العمل.
[1] الخصائص 1/40 و ما بعدها. و سيرد بحث في ذلك في مقدمة الزبيدي.