أَو أَعطاهحقَّه و تَبرَّأَ منه، لا يخفى أَن الإِعطاءَ مع التبرِّي من معانِي شَنَأَ بالفتح إذا عُدِّي بإِلى، كما قاله ثعلب، فلو قال: و إليه: أَعطاه و تَبرَّأَ منه كان أَجمع للأَقوال كَشَنَأَ أَي كمنع، و قضِيّة اصْطِلاحه أَن يكون كَكَتَب و لا قائل به، قاله شيخنا، ثم إن ظاهر قوله يدلّ على أَن شنأَ كمَنَع في كلِّ ما استعمل شَنِئَ بالكسر، و لا قائل به، كما قد عرفتَ من قول أَبي عُبيد و ثعلب، و لم يستعملوا كَمنَعَ إِلاَّ في المُعَدَّى بإِلى دون به و له، و قد أَغفلَه شيخُنا.
و شَنَأَ الشيءَ: أَخْرَجَهمن عنده، و قال أَبو عُبيد: شَنِئَ حقَّه، أَي كعلِم إذا أَقرَّ به و أَخرجه من عنده.
وفي المحكم شَوانِئُ المال: التي لا يُضَنُأَي لا يُبْخَل بهاعن ابن الأَعرابيّ نقلاً من تَذْكِرة أَبي عليٍّ الفارسيّ، و قال: كَأَنَّها شُنِئَتْ أَي بُغِضت فَجِيدَ بِهاأَي أُعْطِي بها لعدم عِزَّتها على صاحبها، فهو يجودُ بها لبُغضه إيَّاها، و قال: فأخرجه مُخْرَجَ النَّسب فجاءَ به على فاعلٍ، قال شيخنا: ثم الظاهر أَن فاعِلاً هنا بمعنى مفعول، أَي مَشْنُوء المال و مُبْغَضُه، فهو ك مََاءٍ دََافِقٍ و عِيشَةٍ رََاضِيَةٍ* .
و الشَّنَآنُ بنُ مالكٍ مُحرَّكَةًرجل شاعِرٌمن بني مُعاوِية بنِ حَزْنِ [2] بن عُبادَةَ بنِ عَقيلِ بن كَعْبٍ.
*و مما بقي على المؤلف:
المَشْنِيئَة [3] : 17- ففي حديث عائشة رضي اللّه عنها عليكم بالمَشْنِيئَةِ النافعةِ التَّلْبِينَةِ. تعني الحَسَاءَ [4] و هي مَفعولة من شَنِئْت إِذا أَبغضت [5] ، قال الرياشي: سأَلْت الأَصمعي عن المَشْنِيئَةِ فقال: البغِيضة، قال ابنُ الأَثير: و هي مفْعُولَة من شَنِئْت إِذا أَبغضت، و هذا البناء شاذٌّ بالواو و لا يقال في مَقْرُوٍّ و مَوْطُوٍّ [6] مَقْرِيّ و مَوْطِيّ و وجهه أَنه لما خَفَّف الهمزةَ صارت ياءً فقال مَشْنِيٌّ كمرْضِيّ، فلما أَعاد الهمزة استصْحَب الحالَ المُخَفَّفَةَ، و قولها: التَّلْبِينة، هي تفسير لِلمشْنِيئَة و جعلتْها بغيضة لكراهتها.
16- و في حديث كَعْبٍ : «يُوشِكُ أَنْ يُرْفَعَ عنكُم الطَّاعونْ و يَفِيضَ فيكم شَنَآنُ الشِّتَاءِ، قيل: ما شَنَآنُ الشتاءِ؟قال:
«بَرْدُه». استعار الشَّنَآنَ للبَرْدِ لأَنه بَغِيضُ [7] في الشِّتاءِ، و قيل:
أَراد بالبَرْدِ سُهولةَ الأَمْرِ [8] و الرَّاحة، لأَن العرب تَكْنِي بالبَرْد عن الراحة، و المعنى: يُرْفَع عنكم الطاعونُ و الشِّدَّة، و يكثُر فيكم التباغُض أَو [9] الرَّاحَة و الدَّعَة.
و تَشَانَئُوا أَي تَباغَضُواكذا في العباب.
شوأ [شوأ]:
شاءَني : سَبَقَني. و شَاءَني فلانٌ: حَزَنَني و أَعْجَبَنيضدٌّ، و تقول في مُضارعه يَشُوءُ على الأَصل و يشِيءُ كيَبيع، إن كان مضارِعاً لِشَاءَ، و زعم أَنه مقلوب أَيضاً لِشَأَى يَشْئِي كرَمَى يَرْمِي فهو غَلَطٌ، لأَن مادّة شَأَى مهموزُ العَيْنِ معتلّ اللام بالتحْتيّة مهملة، و إِن أَراد أَنه استعمل كَبَاع يَبيع بمعنَى سَبَق فالمادَّة الآتية متّصلة بهذه، و لم يذكرْ هو و لا غيرُه أَن الشَّيْءَ كالبيْعِ بمعنى السَّبْقِ و لا لهم شَاءَ كباعَ، إِنما قالوا: شَاءَ يشَاءُ كخَافَ يَخافُ، قاله شيخُنا قَلْبُ شَآنِيكدَعَاني بمعنى سَبَقَني فيهما وزناً و معنًى.
و الشَّيِّئَانُ كشَيِّعَانٍ[10] في وِزَان تَثنية السَّيِّد: البَعِيدُ النَّظرِ الكثيرُ الاستِشْرافِ إِمّا على حقيقته أَو كناية عن الرجل صاحب التأَنِّي و التَفكُّرِ و الناظرِ عواقِب الأُمورِ، و قد ذكره الصاغانيُّ في المادّة التي تليها.