بالنسبة الى الاربعة، لأن جملة العوارض التي تعرض موضوعات العلوم المبحوث عنها ليست كالزوجية بالنسبة الى الاربعة. فان الاحكام- مثلا- هي العوارض التي تعرض موضوع علم الفقه، و هو فعل المكلف و ليست هي كالزوجية بالنسبة الى الاربعة. فالوجوب- مثلا- ليس كالزوجية بالنسبة الى الاربعة، بل المراد من الذاتية التي وقعت وصفا للعوارض هي التي لا تكون نسبتها الى الموضوع بالعروض و المجاز، و هو المراد من قوله: «بلا واسطة في العروض».
فان الواسطة ثلاثة: واسطة في الثبوت، و واسطة في الاثبات، و واسطة في العروض.
و الواسطة في الثبوت: هي العلة في ثبوت الشيء، او في ثبوت شيء لشيء، كالاقتداح بالنسبة الى ايجاد النار، و كالنار بالنسبة الى ايجاد الحرارة للماء.
و قد يقال: إن العلة التي توجب ثبوت العرض لمعروضه تارة واجدة للعرض، كالنار الموجبة لثبوت الحرارة للماء، فانها واجدة للحرارة بنفسها. و اخرى تكون فاقدة لها، كالحركة الموجبة لعروض الحرارة للجسم، فان الحركة غير واجدة بنفسها للحرارة، الّا انه قد ثبت في محله ان المعلول رشح من العلة، و ان العلة هي الوجود الكامل للمعلول، و لذا يقال: إن فاقد الشيء لا يعطيه. و اما المثال الذي ذكر و هناك أمثلة اخرى، كالبناء و البناء فهي من الخلط بين المعدّ و العلة، بل الحركة معدّ لأن يهيج الجسم حرارته الكامنة، أو تعدّه لان يأخذ الحرارة من الجو مثلا- أو من شيء آخر.
و الثانية: هي الواسطة في الاثبات: و هي التي يكون العلم بها سببا للعلم بشيء آخر، كالعلم بالصغرى و الكبرى الموجب للعلم بالنتيجة، و لا اختصاص لها بالعلة، بل كما انه يكون العلم بالعلة سببا للعلم بالمعلول كذلك يكون العلم بالمعلول سببا للعلم بالعلة.
و الثالثة: و هي الواسطة في العروض: و هي كون نسبة العرض الى المعروض بحسب النظر العرفي بالعرض و المجاز، و المسامحة، و العناية، و من قبيل وصف الشيء