أشرنا سابقا أن النزاع بين الصحيحي و الأعمّي في المعاملات إنما يتأتى بناء على أن ألفاظ المعاملات موضوعة للأسباب. أما إذا كانت موضوعة للمسبّبات فلا معنى لهذا النزاع، و هذه الجهة معقودة لبيان هذا المطلب، و هو هل أن أسماء المعاملات هي أسماء للأسباب حتى يتأتى النزاع بين الصحيحي و الأعمّي، أو أنها أسماء للمسبّبات حتى ينغلق البحث بينهما؟. و قبل الدخول في هذا البحث لا بد من تمهيد مقدمة نقتنصها من الأبحاث السابقة، و هذه المقدمة، هي معرفة المراد بالسبب و المسبّب.
أمّا السبب فهو مكون من ثلاثة عناصر بمجموعها تسمّى السبب، و هذه العناصر هي:
العنصر الأول:
هو الإنشاء، و المقصود به اللفظ، أو ما يقوم مقامه، كالفعل الذي تنشأ به المعاملة في المعاطاة.
العنصر الثاني:
هو المدلول التصديقي للإنشاء القائم في نفس المنشئ، فإن هذه الجملة الإنشائية و هي «بعت»، لها مدلول تصديقي قائم في نفس البائع، و هو اعتبار تمليك المال بعوض.