من قبل الشارع فالمسبّب شرعي و إن كانت من قبل العقلاء فالمسبّب عقلائي.
و أما إمضاء السبب، و هو الإنشاء، فليس معناه إعطاء القدرة عليه، لأن القدرة عليه موجودة خارجا، فلا يحتاج إلى إعطاء من قبل المشرع، و إنما إمضاء السبب معناه جعله صحيحا.
هذا حاصل الكلام في المرحلة الأولى فاتضح بهذا معنى جعل المسبّب و معنى جعل السبب.
و أمّا الكلام في المرحلة الثانية هو: أنه لو فرضنا أن متعلق دليل الإمضاء هو المسبّب، فيصير دليل الإمضاء «أحل اللّه البيع» بقوة قولنا «إني أقدرت العباد من التمليك بعوض»، و حينئذ، هذا التمليك، إذا لوحظ بالنسبة إلى مال واحد، فهو لا يتعدد، لأن الشيء الواحد لا يقبل تمليكين بعوض في عرض واحد،- تمليك بالعقد، و تمليك بالمعاطاة-، و معنى هذا أن هناك قدرة واحدة على التمليك بعوض مجعولة من قبل الشارع.
نعم هناك قدرات متعددة على الأسباب، قدرة على أن يملك بعوض بالمعاطاة، و قدرة على أن يملك بعوض بالعقد، و هكذا إلى غير ذلك من أفراد الأسباب.
إذن مفاد دليل الإمضاء، هو إعطاء قدرة واحدة بالنسبة إلى كل موضوع موضوع، فيما إذا كان متعلق الدليل هو المسبّب، و هذه القدرة الواحدة يكفي في صدقها، أن يكون بعض الأسباب نافذا، لوضوح ذلك عرفا و وجدانا، لأن المكلف إذا أقدر على إيجاد المسبّب فهذا لا يدل على أنه قادر عليه بكل سبب.