الصحيح شرعا، و يكون هناك ترادف بين لفظ البيع و بين الصحيح شرعا، فهذا لا يعقل أن يكون مأخوذا موضوعا في دليل الإمضاء، لأن مرجع دليل الإمضاء حينئذ، إلى أن اللّه صحّح الشيء الصحيح و هذا لغو، و لكن كما لا يعقل أخذ الصحة بهذا المعنى في موضوع أدلة الإمضاء في باب المعاملات، كذلك لا يعقل أخذ الصحة بهذا المعنى في موضوع أدلة الأوامر في باب العبادات، ففي باب العبادات لا يعقل أن يكون موضوع الأمر هو الصلاة الصحيحة بما هي صحيحة، لأن الصحيح معناه المطابق للأمر، إذن فليس مراد الصحيحي من أخذ الصحة، هو عنوان الصحة الشرعية و مفهومها في مدلول اللفظ، بل مراده شيء آخر.
و إن كان المراد هو واقع الصحيح، بمعنى واقع الأجزاء و الشرائط التي لها دخل في المطلب، فلا إشكال في المقام، فلو فرض بأن المؤثر في باب البيع هو عبارة عن التمليك بعوض، المشتمل على اللفظ الصادر من البائع البالغ بلا إكراه، و مع الموالاة بين الإيجاب و القبول و غير ذلك من الشرائط، فحينئذ يكون معنى أخذ الصحة الشرعية هو أخذ واقع هذه الأجزاء و الشرائط في المسمّى، فأيّ إشكال؟. بأن يكون معنى البيع في دليل الإمضاء «أحلّ اللّه التمليك بعوض الذي يقترن باللفظ و تحفظ فيه الموالاة و يكون صادرا بلا إكراه من البائع»، فلا لغو في المقام بل هو مطلب صحيح. إذن فلا يكون أخذ الصحة الشرعية بهذا المعنى في المسمّى منشأ للإشكال في أدلة الإمضاء في المعاملات كما لم يكن منشأ للإشكال في أدلة الأوامر في باب العبادات. إذن فلا وجه لدعوى أن النزاع في باب المعاملات منحصر في خصوص الصحة العقلائية، بل كما يجري في الصحة العقلائية أيضا يجري في الصحة الشرعية، فيمكن تصوير النزاع بين الصحيحي و الأعمي في باب المعاملات بحيث أن الصحيحي يقول بأن المولى وضع لفظ البيع للتمليك بعوض الذي فيه لفظ و موالاة و عدم إكراه، و الأعمي يقول بأن المولى وضع لفظ البيع للتمليك بعوض، سواء وجد اللفظ و الموالاة و غير ذلك أم لم يوجد، فعلى كلا القولين دليل الإمضاء معقول.