بحسب الحقيقة إنّ الإشكال المتقدم على كون الأدلة الأربعة موضوعا لعلم الأصول، لا أساس له من الصحة؛ حيث أن هذا الإشكال نشأ من الجمود في مقام تطبيق قانون موضوع العلم. و توضيح أن هذا الإشكال غير صحيح يتبين ببيان عدة أمور:
الأمر الأول: إنّ هذا الإشكال نشأ من الجمود في مقام تطبيق قانون موضوع العلم، حيث أنهم في مقام اقتناص موضوع علم الأصول، كانوا يفتشون عن موضوعات المسائل في علم الأصول حسب تدوينها في الخارج، ليجدوا هل أنه يوجد عنوان كلي جامع بين موضوعات المسائل حسب تدوينها؛ فيرون مثلا أن خبر الواحد حجة، و صيغة (افعل) ظاهرة في الوجوب، و العقل يحكم بالملازمة بين وجوب الشيء و وجوب مقدمته، و الشك في التكليف مجرى للبراءة. إذن فما هو الجامع بين هذه العناوين؟
و حيث أنهم أرادوا أن ينتزعوا الجامع من هذه العناوين و المسائل بحسب تدوينها الخارجي، وقعوا في هذا الإشكال. و نحن قد أشرنا سابقا بأن هذا المنوال لو كان متبعا في الفلسفة العالية لتعذر إيجاد موضوع لها، فضلا عن الأصول، فإنّه في الفلسفة العالية لو أريد الحصول على موضوع للفلسفة العالية بلحاظ موضوعات المسائل حسب تدوينها الخارجي، لما حصلنا على جامع أيضا لتعدد موضوعات مسائلها كما في مقولة العقل موجود، النفس موجود، الحركة في الكيف موجود، الحركة في الكم موجود، الفلك موجود. و هكذا لو أردنا أن نلاحظ موضوعات مسائل الفلسفة العالية حسب تدوينها، لما كان لها إذن موضوع، و إنما كان لها موضوع باعتبار أن موضوع العلم لا ينتزع بلحاظ