حدثني إبراهيم بن محمد الحريري، قال: حدثني عبد الصمد بن حسّان السعدي، عن سفيان الثوري، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن الحسن بن حسن، قال: لمّا حملنا إلى يزيد و كنّا بضعة عشر نفسا، أمر أن نسير إلى المدينة، فوصلناها في مستهلّ [1] و على المدينة عمرو بن سعيد الأشدق، فجاء عبد الملك بن الحارث السهمي فأخبره بقدومنا، فأمر أن ينادى في أسواق المدينة: ألا إنّ زين العابدين و بني عمومته و عمّاته قد قدموا إليكم، فبرزت الرجال و النساء و الصبيان، صارخات باكيات، و خرجت نساء بني هاشم حاسرات تنادي: وا حسيناه، وا حسيناه! فأقمنا ثلاثة أيام بلياليها و نساء بني هاشم و أهل المدينة مجتمعون حولنا.
حدثنا زهران بن مالك، قال: سمعت عبد اللّه بن عبد الرحمن العتبي، يقول:
حدثني موسى بن سلمة، عن الفضل بن سهل، عن علي بن موسى، قال: أخبرني قاسم بن عبد الرازق و علي بن أحمد الباهلي، قالا: أخبرنا مصعب بن عبد اللّه، قال:
كانت زينب بنت علي و هي بالمدينة تألّب الناس على القيام بأخذ ثأر الحسين، فلمّا قام عبد اللّه بن الزبير بمكة، و حمل الناس على الأخذ بثأر الحسين، و خلع يزيد، بلغ ذلك أهل المدينة، فخطبت فيهم زينب و صارت تؤلّبهم على القيام للأخذ بالثأر، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فكتب إلى يزيد يعلمه بالخبر، فكتب إليه أن فرّق بينها و بينهم، فأمر أن ينادى عليها بالخروج من المدينة و الإقامة حيث تشاء. فقالت: قد علم اللّه ما صار إلينا، قتل خيّرنا، و انسقنا كما تساق الأنعام، و حملنا على الأقتاب، فو اللّه لاخرجنا و إن أهريقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عماه! قد صدقنا اللّه وعده، و أورثنا الأرض نتبوّأ منها حيث نشاء، فطيبي نفسا، و قرّي عينا، و سيجزي اللّه الظالمين، أ تريدين بعد هذا هوانا؟ ارحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم و تلطّفن معها في الكلام و واسينها.