فكان لهم الدور الرائد في تعريف شعب مصر بمقام أهل البيت (عليهم السّلام) و فضائلهم و فواضلهم، حتّى سرى حبّ آل البيت (عليهم السّلام) و ودّهم في عروقهم، و أشرق في نفوسهم، و انفلقت معانيه السامية في عقولهم.
و لم يستطع الولاة و السلاطين الذين تعاقبوا على حكم مصر بعد استشهاد أمير المؤمنين علي (عليه السّلام)، و خصوصا في عهد معاوية بن أبي سفيان تغيير عقائد مسلمي مصر و حبّهم و ولائهم لأهل البيت (عليهم السّلام) رغم القتل و السجن و النفي للكثير منهم؛ و ذلك لعمق عقيدتهم بأهل البيت (عليهم السّلام)، و رسوخ حبّهم و ودّهم لهم، و غاية ما استطاعوا فعله هو أنّهم حوّلوا أجهزة السلطة و جيشها إلى ولاية السلاطين، و صنعوا منهم أتباعا لهم، يدورون معهم ما دارت معايشهم.
أمّا في عهد بني العباس، و بعد أن استتبّ لهم الحكم و السلطان، اشتدّوا بالتنكيل بالعلويّين و آل البيت (عليهم السّلام)، ممّا أدّى إلى بروز انتفاضات و نهضات علوية هنا و هناك، كان منها نهضة علي بن محمد بن عبد اللّه- و هو من أحفاد الإمام الحسن المجتبى (عليه السّلام)- و هو أول علوي دخل مصر في تلك الحقبة الزمنية و بويع فيها من قبل المسلمين، و كان له أثر كبير في إخراج محبّي أهل البيت (عليهم السّلام) و أتباعهم من عزلتهم التي ضربها عليهم بنو أميّة و من بعدهم بنو العباس.
و توالت انتفاضات العلويّين في مصر، و رغم أنّها لم تستطع أن تحقّق هدفها في إقامة حكومة موالية لأهل البيت (عليهم السّلام)، إلّا أنّها عزّزت حالة الولاء و الحبّ لأهل البيت (عليهم السّلام) عند أهل مصر.
و ظهرت حركة تجديد الولاء و الحبّ لأهل البيت (عليهم السّلام) مرّة أخرى في مصر على يد الفاطميّين، و قد أطلقوا على أنفسهم هذه التسمية نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء (عليها السّلام)؛ لاعتقادهم بأنّهم من ذرّيتها، و كان أول خليفة فاطمي استولى على الاسكندرية عام (301 ه) هو عبيد اللّه المهدي المنتسب إلى محمد بن إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق (عليه السّلام)، و أقام حكومة السلسلة الفاطمية في تونس عام (308 ه).