فمردود؛ لأنّ معنى كون لفظة «من» تبعيضيّة ليس كونها مرادفة للفظ «بعض» فإنّه ضروريّ البطلان، بل المراد أنّه قد ينطبق على ما هو بعض المركّب، فليس معنى «أكلت من السمكة» أنّه أكلت بعضها، كما يظهر بالمراجعة إلى موارد استعمالاتها في العربيّة و مرادفها في الفارسيّة، أ لا ترى أنّ قوله: «البيع الكذائي من طبيعة البيع» و «إنّ زيداً من طبيعة الإنسان» ليس تجوّزاً، و لو قال: «إذا أمرتكم بطبيعة الصلاة فأتوا منها كلّ فرد يكون في استطاعتكم» ليس مرتكباً لخلاف الظاهر.
و إن أبيت عن ذلك يمكن أن يقال: إنّ الطبيعة في نظر العرف بمنزلة مخزن يخرج منه الأفراد، فيكون منطبقاً على التبعيض بالحمل الشائع عرفاً، فحينئذٍ يكون قوله: (إذا أمرتكم بشيء.). أعمّ من المركّب و الطبيعة، و لا داعي لاختصاصه بأحدهما.
و منه يعرف النّظر في كلام بعض أعاظم العصر- من أنّ إرادة الأعمّ توجب استعمال لفظة «من» في الأكثر؛ لعدم الجامع بين الأجزاء و الأفراد، و لحاظ الأجزاء يُباين لحاظ الأفراد، و لا يصحّ استعمال كلمة «من» في الأعمّ و إن صحّ استعمال لفظة «شيء» في الأعمّ من الكلّ و الكلّيّ [2] لما عرفت من أنّ لفظة «من» ليست مرادفة للبعض، بل يكون معناها أنّ ما بعدها مقتطع