نام کتاب : أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية نویسنده : الخميني، السيد روح الله جلد : 1 صفحه : 110
في أماريّة الاستصحاب
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ الاستصحاب [1] فيه جهة كشف عن الواقع،
[1] قولنا: فاعلم أنّ الاستصحاب.
أقول: هذا ما أدى إليه نظري في سالف الزمان قبل الوصول إلى مباحث الاستصحاب و لقد جدّدت النّظر حين انتهاء بحثنا إليه فوجدت أنّه ليس أمارة شرعية، بل هو أصل تعبدي كما عليه المشايخ لأن عمدة ما أوقعنا في هذا التوهم أمران:
أحدهما: توهم أن اليقين السابق كاشف عن الواقع كشفا ناقصا في زمان الشك فهو قابل للأمارية كسائر الكواشف عن الواقع.
و ثانيهما: توهم أنّ العناية في اعتباره و جعله إنّما هي إلى هذه الجهة بحسب الروايات فتكون روايات الاستصحاب بصدد إطالة عمر اليقين و إعطاء تمامية الكشف له، و بعد إمعان النّظر في بناء العقلاء و أخبار الباب ظهر بطلان المقدمتين:
أما الأولى: فلأن اليقين لا يعقل أن يكون كاشفا عن شيء في زمان زواله و المفروض أنّ زمان الشك زمان زوال اليقين، فكيف يمكن أن يكون كاشفا عن الواقع في زمان الشك؟! نعم الكون السابق- فيما له اقتضاء البقاء- و إن يكشف كشفا ناقصا عن بقائه لكن لا يكون كشفه عنه أو الظن الحاصل منه بحيث يكون بناء العقلاء على العمل به من حيث هو من غير حصول اطمئنان و وثوق.
و أمّا الثانية: فلأنّ العناية في الروايات ليست إلى جهة الكشف و الطريقية- أي إلى أنّ الكون السابق كاشف عن البقاء- بل العناية إنّما هي إلى أنّ اليقين لكونه أمرا مبرما لا ينبغي أن ينقض بالشك الّذي ليس له إبرام، فلا محيص [عن القول بأن] الاستصحاب أصل تعبدي شرعيّ كما عليه المشايخ المتأخرون [1].
و أما الاستصحاب العقلائي الّذي في كلام المتقدمين [2] فهو غير مفاد الروايات بل هو عبارة.
عن الكون السابق الكاشف عن البقاء في زمن لا حق، و قد عرفت أنّ بناء العقلاء ليس على ترتيب الآثار بمجرد الكون السابق ما لم يحصل الوثوق و الاطمئنان. منه عفي عنه.