النور السادس و العشرون و هو نور العلامة و الدلالة:
فهو الذي كشف له (صلى اللّه عليه و سلّم) صورة منتظرة و معتبرة، فإن الكتب نطقت به، و كذلك الصنائع العلمية كلها حتى الكهانة.
و من علاماته أيضا (صلى اللّه عليه و سلّم) ما ظهر عليه (صلى اللّه عليه و سلّم) حتى خاتم النبوة الذي بين كتفيه (صلى اللّه عليه و سلّم)، و ما كان قط لأحد؛ ثم علامات صدقه المتأخرة.
و هذا يكشف له أنه كذلك وحده.
و مما ينبغي أن يقال لأهل الكتاب: هذا نبينا (صلى اللّه عليه و سلّم) قد أخبرنا عن أمور قد ظهرت بعده، حتى إن من بعض أتباعه لو تحدّى بها لم يعلم حدود رسوله وجد الصواب في قطع الخصم، و أنتم ما الذي أخبركم به، هذه أنواره.
* قلت: قال ابن طولون: خصّ (صلى اللّه عليه و سلّم) بأنه أول النبيين في الخلق و تقدم نبوته، فكان نبيّا و آدم منجدل في طينته، و بتقدم أخذ الميثاق عليه، و أنه أول من قال: (بلى) يوم: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ [الأعراف: 172]، و خلق آدم و جميع المخلوقات لأجله، و كتابة اسمه الشريف على العرش و كل سماء و الجنان و ما فيها و سائر ما في الملكوت، و ذكر الملائكة له في كل ساعة، و ذكر اسمه في الأذان في عهد آدم و في الملكوت الأعلى، و أخذ الميثاق على النبيين آدم فمن بعده أن يؤمنوا به و ينصروه، و التبشير به في الكتب السابقة، و نعته فيها، و نعت أصحابه و خلفائه و أمته، و حجب إبليس عن السموات لمولده، و شق صدره في أحد القولين و هو الأصح، و جعل خاتم النبوة بظهره بإزاء قلبه حيث يدخل الشيطان، و سائر الأنبياء كان الخاتم في يمينهم، و بأن له ألف اسم، و باشتقاق اسمه من اسم اللّه، و بأنه سمي من أسماء اللّه بنحو سبعين اسما، و بأنه سمي بأحمد، و لم يسمّ به أحد قبله، و قد عدت هذه من الخصائص في حديث مسلم، و بإظلال الملائكة له في سفره، و بأنه أرجح الناس عقلا، و بأنه أوتي كل الحسن و لم يؤت يوسف إلا شطره، و بغطه ثلاثا عند ابتداء الوحي، و برؤية جبريل في صورته التي خلق عليها، عدّ هذه البيهقي.